افتتاحية نيويورك تايمز: عالم ترامب الغريب
افتتاحية نيويورك تايمز: عالم ترامب الغريب
نيويورك تايمز– فريق التحرير
ترجمة: فاطمة لطفي
في معظم فترات حملته الانتخابية، كان إعجاب دونالد ترامب بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، واستعداده للدفاع عن الكرملين في قضايا تتراوح بين سوريا إلى الاختراق الإلكتروني لأجهزة الكمبيوتر لأفراد وأحزاب سياسية، مصدرًا للحيرة والخوّف، ورسخ أداء ترامب المريع في المناظرة الرئاسية يوم الأحد، جميع هذه المخاوف.
نفى ترامب مجددًا أن الروس كانوا يقومون بأي شيء للتلاعب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، رغم الأدلة القوية التي تشير للعكس. كما كشف مرة أخرى عن رؤيته السخيفة والجاهلة حول الحرب الأهلية الدموية في سوريا ورفضه للاعتراف بدور روسيا في جعل الأمور أسوأ هناك.
ليس لترامب أي خبرة في السياسة الخارجية. ومع ذلك، تلقى معلومات من الاستخبارات الأمريكية التي من المفترض أنها نبهته للتحديات التي ستواجه الرئيس المقبل، التي على ما يبدو لم تفعل ذلك. جميع هذه الحيثيات تثير تساؤلات تبعث على القلق حول إذا ما كان المرشح الجمهوري لتولي أقوى منصب في العالم، هو تابع لبوتين، وساذج، وجاهل تمامًا، وكما أشار البعض، يحمي مصالح تجارية غير معلنة في روسيا.
ورغم انتشار المزاعم حول التدّخل في الانتخابات لبعض الوقت، اتهمت إدارة أوباما رسميًا، يوم الجمعة، روسيا بسرقة وإفشاء رسائل البريد الإلكتروني للجنة الوطنية للحزب الديمقراطي وغيرها من المؤسسات. وعندما أثارت كلينتون ذلك، دافع ترامب عن روسيا قائلًا: “ربما لا يوجد أي اختراق. لكنهم دائمًا يلومون روسيا. ويعود سبب ذلك إلى اعتقادهم أنهم بذلك يحاولون تشويه سمعتي بربطي بروسيا. لا أعرف شيئًا عن روسيا”.
قال مسؤول بارز في الولايات المتحد لـ”إن بي سي نيوز”: “ادعاء عدم المعرفة في هذا الوقت هو تحريف متعمد”. يمكن للرؤساء اختيار التغاضي عما توصلت إليه الاستخبارات، لكن في هذه المرحلة، لماذا يشعر ترامب أن لديه معلومات أفضل أو قدرة تحليلية أكثر من استنتاجات “موثوقة للغاية” كشف عنها خبراء في أجهزة استخبارات البلاد؟ لماذا لا يريد الاعتراف بوجود تهديد والتحدث عنه؟
عل نحو مماثل، من غير المقبول رفض ترامب للتسليم بدور روسيا في دعم ديكتاتور سوريا الوحشي، بشار الأسد، وإدانة التفجيرات التي قتلت آلاف المدنيين في حلب وغيرها. بدلاً من ذلك، تجاهل ترامب الحرب الأهلية وامتدح بشدة ليس فقط روسيا، لكن أيضًا الأسد وإيران “لقتلهما داعش”. تركز كل من روسيا وإيران وقوات الأسد، في الحقيقة، على تدمير المتمردين السوريين المعارضين للأسد.
تنتشر النظريات الغامضة بين الخبراء حول سبب كون ترامب متيمًا بـ”بوتين”، الديكتاتور الذي قضى على المعارضة في بلاده والذي يسعى لتوسيع نفوذه في الخارج. تشير إحدى النظريات، التي نفاها ترامب، ومستحيل أن تؤكد أو تستبعد، أن لديه مصالح تجارية في روسيا يريد حمايتها أو إنماءها في المستقبل.
اتهمت كلينتون بوتين بأنه يحاول جعل كفة منافسها ترجح في الانتخابات لأنها حادة مع الكرملين. وقال أندريه كوزيريف، وزير خارجية روسيا السابق، صحيفة التايمز: “أنا متأكد أن بوتين يحاول، بنجاح أكبر مما يظن الكثيرون، التلاعب بكل من العملية الانتخابية وأحد المرشحين الرئاسيين. أدرك بوتين أن ترامب سيقضى على الديمقراطية الأمريكية والضرر إذا لم يكن تدمير أمريكا كدعامة للاستقرار وقوى رئيسية فهو قادر على ضبطه”.
في النهاية، ربما لا يهم إذا ما كان ترامب يتم التلاعب به من بوتين، أو أنه يقبل بسذاجة فقط رؤى بوتين الملتوية. ما يهم فعلًا أن مع كل حديث غريب جديد، يقدم ترامب دليلًا آخر على عجزه على تقييم المعلومات الموثوقة، وبشكل أشمل، افتقاره للكفاءة لدعم مصلحة بلاده.