سياسة

نيويورك تايمز: أنجيلا ميركل “بعبع” روسيا القادم

نيويورك تايمز: أنجيلا ميركل “بعبع” روسيا القادم

جوشن بتنر – نيويورك تايمز

ترجمة: فاطمة لطفي

ليس مفاجئا أن تقابل روسيا، قرار الرئيس باراك أوباما، بطرد دبلوماسييها، ردًا على جهود الكرملين في التلاعب بانتخابات الرئاسة الأمريكية لعام 2016، بلا مبالاة جماعية، حيث تبدو موسكو قانعة بالسماح للوقت أن يمر، مدركةً أن في العشرين من يناير، سيستبدل أوباما بمعجب في البيت الأبيض وصديق قديم في وزارة الخارجية.

لكن التغيير الكلي حلو ومر أيضًا. خسر الرئيس فلاديمير بوتين شبحه المخيف (البعبع) المحبب لديه. وفي المستقبل القريب، بالكاد يمكن أن تكون الولايات المتحدة عدوة  لروسيا. مَن إذن هو الشبح المخيف الجديد لروسيا؟ أنجيلا ميركل.

المستشارة الألمانية هي الهدف المثالي التالي لروسيا. تجري ألمانيا انتخابات عامة الخريف القادم، ومع تزايد السياسيين المتعاطفين مع موسكو، ربما يكون من الجيد أن ترشح ميركل نفسها لفترتها الرابعة على أنها الزعيم الأوروبي الوحيد المستعد للتصدي لروسيا.

منذ ضم شبه جزيرة القرم في عام 2014، كانت ميركل الصوت الأكثر تأثيرًا الداعي لمعاقبة روسيا. وفي العام التالي، رحبت ميركل بمليون لاجئ داخل ألمانيا، ودعت باقي الدول الأوروبية لفعل المثل. كما أنها لا تزال تؤمن بأهمية وجود اتحاد أوروبي متحد ومتكامل، ومعقل للقيم الليبرالية، وحصن سياسي واقتصادي مناهض لروسيا.

ويبدو أن روسيا تخطط للقيام مع ميركل وحلفائها في عام 2017 ، نفس ما قامت به مع هيلاري كلينتون، وغيرها من الديمقراطيين في الولايات المتحدة في عام 2016.

على أي حال، في العام الماضي، هاجم نفس المخترقين الذين تمكنوا من التسلل إلى أجهزة كمبيوتر الحزب الديمقراطي، والمعروفين على الإنترنت بمجموعة (Fancy Bear)، شبكة البرلمان الألماني، كما تم اتهامهم أيضًا بسرقة وثائق من أعضاء في البرلمان. يمنح كل كشف عن تدخل روسيا في الانتخابات الأمريكية لألمانيا لمحة لما يتطلع أن تكون الحملة الانتخابية الأكثر صعوبة وشرًا وإنهاكًا في تاريخ ألمانيا الحديث.

ورغم ذلك، هذه اللمحة ميزة لألمانيا أيضًا. حيث نعرف شيئًا الآن عن قدرات الروس التقنية وأساليبهم، كما نملك حس متطورعن الأيديولوجية الكامنة وراء منهجهم، وكيف سيوجهون هجماتهم.

وهنا نستطيع استنتاج دروس قيمة من الحرب الباردة. ما تفعله روسيا اليوم هو النسخة الرقمية لما يسميه الألمان بـ”Zersetzung” المصطلح الذي يصعب ترجمته، ولكن أفضل توصيف له بأنه المعادل السياسي لما يحدث عندما تصب حمضًا على مواد عضوية، وهو ما يعني الحل والتفكّك. يتضمن هذا الأسلوب اغتيال الشخصيات من خلال نشر الأكاذيب والأخبار الزائفة وإنشاء مساحة رمادية للشك في الوقت الذي تكافح فيه الحقيقة للبقاء.

لذا على الحكومة أن تقوم بدورها، وأيضًا الصحفيين ومؤسسات المجتمع المدني. كما سنضغط نحن الصحفيين على شركات كفيسبوك وتويتر لتكون متيقظة ضد الأخبار الزائفة.

ومن المهم إيضاح كيف توجه الأيديولوجية هذه الهجمات، في سبتمبر، انضمت الصحيفة التي أعمل بها، دي تسايت، إلى محطة التليفزيون الألماني الثاني (ZDF) للكشف عن تفاصيل حملة تضليل مطورة في موسكو. استطعنا الوصول إلى تقريبًا 10 آلاف بريد إلكتروني كشف كيف أرشد متبني هذه الأيديولوجية والمقربين إدارة بوتين، مؤيدي الحكومة المتمردة الموالية لروسيا في شرق أوكرانيا.

من بين هذه الرسائل الإلكترونية، وثيقة أوضحت المبادئ التوجيهية الموضوعية التي على وسائل الإعلام الموالية للمتمردين اتباعها، من خلال تحريف الحقائق ونشر الأخبار الزائفة. تقول الوثيقة: “روسيا اليوم لم تعد روسيا في تسعينيات القرن الماضي، لكن تعمل بثبات لأجل إعادة ترسيخ قوة الاتحاد السوفييتي. روسيا اليوم على قدم المساواة مع الغرب. هناك حرب دبلوماسية عالمية جارية بالفعل. لكن الغرب يعاني أيضًا في هذه الحرب، ولا يزال غير واضح من سيسود ويسيطر”.

لا يوجد مجال للشك أن هناك أوامر مماثلة لتلك التي تم إعطاؤها لجيوش المخترقين الذين هاجموا أجهزة الديمقراطيين والذين يخططون الآن لمهاجمة ألمانيا.

لكن واضح تمامًا من سيكون الخاسر. على بوتين والملفقين المتهورين أن يدركوا أن الشيء الوحيد الذي سيحصدونه من هذا الكذب هو جيل ضائع آخر من الروس الذين كان يمكن أن يخدموا بلدهم على نحو أفضل من خلال منحهم الفرصة للتحديات الفكرية الصادقة والبناءة. الحكومة التي افترت على العالم الخارجي لتشعر بأنها روسيا العظيمة مرة أخرى محكوم عليها بالفشل، كما فشلت من قبل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى