سياسةمجتمع

سي إن إن: الربيع العربي يحتاج صيفا من الحب

سي إن إن:الجنس ليس مضحكا في العالم العربي

سي إن إن – شيرين الفقي – ترجمة: محمد الصباغ

تلقي علي قنديل تصفيقا حارا من الجمهور في أحد مسارح القاهرة الممتلئة عن اخرها عندما سأل: ”لماذا يبكي الآباء في أفراح بناتهم؟ لأنهم يعلمون أن فتياتهم الصغار سيمارسن الجنس للمرة الأولى“.

وسط هذا المناخ المحافظ، كان إقحام قنديل الجيد للمحظورات الجنسية كافياً لجعل المتابعين يضحكون بلا توقف.

كان العرض يتبع منصة ”الحب ثقافة“، وهي منصة إلكترونية للحديث عن الحب والجنس والعلاقات على مواقع التواصل الإجتماعي باللغة العربية. كانت قد بدأت منذ عام، ونجح الموقع الخاص بالفكرة وقناة اليوتيوب على مواقع التواصل الأخرى في اجتذاب أكثر من 9 ملايين زائر أغلبهم من مصر والمغرب.

سعي ”الحب ثقافة“ المباشر نحو الجنس هو تطور جيد في منطقة يحرج فيها المدرسون عادة من التعامل مع الأساسيات والمناهج الدراسية الجنسية، والآباء أيضاً بشكل عام يضعون جدارا من الصمت بينهم وأبنائهم في هذا الأمر.

بالنسبة إلى قنديل، فإن الجنس هو مصدر لا ينتهي للدعابة- كما هو في أي مكان آخر بالعالم. لكن الجنس ليس بالأمر المضحك في المنطقة العربية.

في الأسابيع الأخيرة، شهدت مصر عمليات قبض وإساءة لعشرات الرجال المثليين والنساء المتحولات جنسياً، كما وقعت عمليات استغلال جنسي جماعية في مناطق الرعب التي تسيطر عليها ”الدولة الإسلامية“، وأيضاً منعت المغرب مؤخراً فيلماً جديداً يكشف تجارة الجنس المزدهرة في الدولة. كل ذلك يظهر صورة المجتمعات الغارقة في الكبت الجنسي.

يقدم موقع ”الحب ثقافة“  تبادلاً صريحاً وحراً في الآراء حول المسائل الجنسية باللغة العربية مؤكدا على أن الجنس وسيلة للسعادة والاستمتاع وليس مشكلة تحتاج إلى حل.

لا يوجد ما هو غير إسلامي في الحديث عن الجنس. في الواقع، الكثير من الأعمال الجنسية العظيمة باللغة العربية كانت لمحاضرين إسلاميين. لكن عبر قرون، و خصوصاً في العقود الأخيرة ومع ظهور التعصب الإسلامي، أصبحت المجتمعات في المنطقة العربية بعيدة عن الراحة الجنسية.

يقدم ”الحب ثقافة“ فرصة (جزئياً من خلال تقديم المصطلحات باللغة العربية والابتعاد عن لغة الشارع) للرجال والنساء للحديث سوياً عن الجنس من خلال الأسئلة ومشاركة الخبرات الشخصية والنقاش دون الحرج المعتاد عليه.

مثل هذه الفرص نادرة جداً خارج عالم الإنترنت. مر عامان على نشري لكتاب ”الجنس و القلعة – Sex and Citadel”. وهو تحقيق لخمس سنوات عن السلوكيات الجنسية عبر العالم العربي وتداخل ذلك مع السياسة، والاقتصاد، والدين والثقافة والنوع والأجيال. منذ ذلك الحين، والطموحات السياسية الكبيرة مثل التي غذت الربيع العربي، إما تجمدت مثلما حدث في مصر، أو احترقت كما في ليبيا واليمن وسوريا.

يبدو أن التركيز على الجنس يعد أمرا غير مهم مقارنة بكل القضايا البارزة الأخرى في المنطقة. لكنه لم ينفصل أبداً عن السياسة والنظم السلطوية –سواء المدعومة عسكرياً أو من المتطرفة دينيا- وتلك النظم تعرف جيداً كيفية استخدام الأمور الجسدية ووضعها في تفسيرات إسلامية منتقاة لتضييق الخناق على المجتمعات.

هذه للأسف حقيقة تتخطى حدود الشرق الأوسط أيضاً. لكن العكس أيضاً موجود. صرخات الحشود في الانتفاضات الأخيرة تقول (حرية – عدالة – كرامة إنسانية) في الحياة الخاصة أيضاً، وعلى المدي الطويل، سيكون لذلك تأثيرا كبيرا على الحياة العامة.

عندما يتعلق الأمر بالجنس، لا يمكن أن يكون الأمر أبيض أو أسود كما يريد أن يقنعنا المحافظون. في هذا الأمر كما في أمور كثيرة في الحياة هناك على الأقل 50 درجة من اللون الرمادي.

في رحلاتي، قابلت رجالاً و سيدات في العالم العربي يستكشفون هذا الطيف. الطبيب، شفيق تشاريبي، من المغرب هو طبيب توليد سعى دائما  لتحقيق شيئا من الانفتاح في قوانين دولته المانعة للإجهاض، وقد نجحت جهوده مؤخرا في تحقيق خطوة صغيرة وتعديل القانون.

وقابلت معلمين مثل صفاء تاميش، الفلسطينية التي تعيش في إسرائيل، وتعمل على إدراج تعليم الجنس في المناهج الدراسية للمدارس في الضفة الغربية. كما رأيت نشطاء كمؤسسي شوف –Chouf، و دمج – Damj، و هما اثنين من أحدث المنظمات التونسية غير الحكومية، وهما من بين عشرات المجموعات في المنطقة التي تحاول إلى إيجاد مكان للرجال والنساء الذين تكسر هويتهم الجنسية التقاليد.

هناك الكثير والكثير من تلك المبادرات – مثل مواجهة العنف الجنسي أو تأمين حقوق الأمهات غير المتزوجات، أو حتى توفير خدمات الرعاية الجنسية إلى الشباب غير المتزوجين- وتلك المبادرات ظهرت في المنطقة غالبا في أرضية صخرية صعبة. وأكثرهم نجاحاً تعمل ببطئ مع مقدار ضئيل من الدين والثقافة.

المواجهة ليست الطريقة المناسبة لتحقيق نتائج ملموسة أو تغيير مرجو في المنطقة العربية كما أظهرت بوضوح بعض الأحداث سواء كان ذلك بالتظاهر سياسياً في التحرير أو بمظاهرات نشطاء “فيمين” عاريات الصدور.

بالنسبة للكثير و خصوصاً النساء، يعد الجنس شىء من العار مما يجعله أداة سياسية وطريقة للتحكم اجتماعياً. من الصعب ممارسة الحريات الجنسية عندما تكون اهتمامات العائلة مرهونة باختيار فردي أو عندما يكون المظهر الخارجي أكثر أهمية من الحقيقة، وعندما تعرف العذرية بأنها جزء من التشريح- أو مجرد غشاء سليم بدلاً من حالة العفة، أو عندما  تتنكر الدعارة كزواج بين زوار أثرياء ولاجئين بائسين.

التحول السياسي، والاقتصادي، والظروف الإجتماعية التي توضح تلك الحقائق هي عمل ومجهود جيل على الأقل. لكن في أماكن قليلة، التغيير الإيجابي بدأ يحدث ببطء. و كما اعتادت جدتي المصرية القول ”لو كان هناك بذور للصبر، لكنت زرعت أفدنة“ أو بمعنى آخر، كل ما نريده هو تطور جنسي وليس ثورة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى