سياسة

“الجارديان”: ضحايا سجن “أبو غريب” … حان وقت التعويض؟

“الجارديان”: ضحايا سجن “أبو غريب” … حان وقت التعويض؟

إن تمكن ضحايا أبو غريب من إقامة دعواهم فإن ذلك سيثبت أن الجيش ومن يعملون معه ليسوا فوق القانون

bughreeb

الجارديان- ألبرتو مورا

ترجمة- محمد الصباغ

منذ اثني عشر عامًا، صُدم الناس في الولايات المتحدة وبقية العالم بصور التعذيب البدني والجنسي بداخل سجن أبو غريب، فبمجرد رؤيتها يصبح من المستحيل نسيان تلك الصور: المساجين المرعوبين، الأعين الشاخصة، في الأغلب عرايا، الرجل الذي يقف كالكلب على أربع، والرجل الملثم الواقف على صندوق، الأيادي ممتدة كما لو كانت مصلوبة، والأسلاك الكهربائية تتدلى من أطراف الأصابع، وتقريبًا في كل صورة، ينظر الحراس بابتسامة مصطنعة.

كمستشار عام سابق للبحرية في ذلك التوقيت، وكمعارض لاستخدام إدارة بوش للتعذيب والمعاملة غير الآدمية للمحتجزين، شاهدت ديك تشيني، وجورج تنت وآخرون يبحثون في القوانين عن ما الذي يجعل من التعذيب أمرا غير قانوني، بنفس النظرة المصطنعة. وتبعهم في ذلك دونالد ترامب وتيد كروز اللذان يؤيدان التعذيب.

هل نريد من محاكمنا الأمريكية مواجهة ذلك الانفلات القانوني؟ إلى الآن، منعت محاكمنا ضحايا التعذيب من إقامة دعاوى مدنية.

ونحن على وشك معرفة ما إذا كانت محاكمنا ستستمر في هذا الظلم، ففي هذا الأسبوع ستستمع الدائرة الرابعة بمحكمة الاستئناف بريتموند في ولاية فيرجينيا، إلى شهادة شفوية في دعوى مدنية أقامها مركز الحقوق الدستورية نيابة عن ضحايا سجن أبو غريب ضد المسؤولين في الحكومة الأمريكية.

تحدد نتيجة هذه الدعوى ما إذا كانت القضية سوف تنظر أمام المحكمة أم سترفض دون محاكمة، وستقرر المحاكمة هل يستحق الضحايا تعويضات عن إصاباتهم، والأقل أهمية، شيء من الاحترام من قبل القضاء الأمريكي؟

لو حدث هذا سيكون سابقة. فمعظم الادعاءات بالتعذيب (ليس في قضية أبو غريب) لم يتم اتهام من فيها أبدًا بالتورط في أنشطة تمرد، ناهيك بالإرهاب. وبالرغم من ذلك، ومع تعهد الولايات المتحدة بالالتزام بتقديم التعويضات لضحايا التعذيب، فإنه لم يحصل أي منهم على حكم منذ احداث 11 سبتمبر. في الواقع، لم تحظ أي ضحية بمحاكمة.

فكل تلك الدعوات تم رفضها قبل الوصول إلى المحاكمة لأسباب عديدة تشمل دائمًا ما يسمى بـ”الاستجواب السياسي” و”أسرار الدولة”، وهو ما يضعها جانبًا في الدوائر القضائية لتجنب إجراء استجوابات حول الشؤون عسكرية أو السياسة الخارجية.

يشمل ذلك قضايا مدنية أقامها ضحيتان، إحداهما لشخص يدعى “الشمري”، حيث استئنافه الحالي هو الرابع الذي أقامه محاموه لينقذوا قضيته من الرفض.

جعلنا “الشمري” نرى كيف أصبحت خطورة وغموض أمر مثل الاستجواب السياسي، وكيف ينبغي أن يقل استخدامه في التعامل مع قضايا التعذيب. وبالرغم من أن المدعي في هذه القضية هو مؤسسة أمريكية للتداول العام فإن المحكمة قررت الاستمرار في مذهبها ورفض القضية لأنها لو قبلتها ”سيتطلب الأمر من القضاء التشكيك في أحكام فعلية وحساسة قام بها الجيش، وهو ما تراه المحكمة من غير المسموح القيام به”.

تبقى المحاكم مخطئة في الاعتقاد بأن هذا الامتناع القضائي منصوص عليه في مثل تلك القضايا. من الجانب القانوني، تم حظر التعذيب منذ عقود، حظر يشمل الجيش أيضًا. وفي أبو غريب، كما كان حقيقيًا في أنحاء العراق، تطبق اتفاقيات جنيف دائمًا. ولا يمتلك الجيش أو من يعملون لحسابه أي حرية تصرف قانونية ليقرروا بشأن في سياسة التعذيب.

لكن في النهاية فقط الكونجرس يمتلك السلطة التشريعية، ويمارس تلك السلطة من خلال جعل التعذيب غير قانوني ويمنع الجيش أو أي شخص آخر من التورط في ذلك.

ما ستنتهي إليه قضية الشمري، قد يعزز أو يدمر سمعة أمريكا كدولة تقف بجانب النظام الدستوري، وقوة القانون، وحقوق الإنسان. عمل الكونجرس وفقًا لأفضل التقاليد والقيم الأمريكية عندما جرّم التعذيب، لكن حتى يكون للقوانين قيمة يجب أن تنفذها المحاكم.

بالامتناع عن الفصل في قضية الشمري أو بالفشل في تطبيق ما يقوله القانون عن التعذيب، أو الفشل في التأسيس ذلك لأن لا الجيش ولا من يعملون لحسابه هم فوق القانون، ستكون المحكمة قد فشلت في أداء أهم أدوارها الأساسية.

ربما ابتسم الحراس في سجن أبو غريب ومن يعملون معهم بشكل يستهزئ من قوانين التعذيب، لكن محاكمنا يجب أن لا تفعل ذلك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى