سياسة

رئيسة وزراء النرويج: لا يحق لفيسبوك تغيير التاريخ 

رئيسة وزراء النرويج: لا يحق لفيسبوك تغيير التاريخ

إرنا سولبرغ- الجارديان

ترجمة: فاطة لطفي

لا يجب على فيسبوك مسح صورة الفتاة الفيتنامية الهاربة من هجوم قنابل “النابالم” من على صفحتي.  ولا يمكننا السماح للشركات مثل فيسبوك بالتحكم في المعلومات بهذه الطريقة.

كان يومًا عاديًا، حيث متبقي من الزمن 40 دقيقة لرحلتي من أوسلو إلى تروندهايم،  والتي قضيتها في التحضير لخطاب سأدلي به فور هبوط الطائرة،  لكن عندما أعدت تشغيل هاتفي بعد وصولي، لاحظت شيئًا غريبًا جدًا، شئ لم يحدث أبدًا من قبل، حُذف منشور من على صفحتي على فيسبوك دون أي سابق إنذار.  كنت قد شاركت فيه واحدة من الصور الأكثر شهرة وتميزًا من حرب فيتنام،  صورة نيك أوت لفتاة عارية تصرخ وتهرب بعيدًا من قنابل ” النابالم”.

اتخذت إدارة فيسبوك موقف قوي وقاسٍ ضد الصورة بأنها ” غير لائقة”. وعلينا أن نثني عليهم حول إلتزامهم بدورهم في منع انتشار الصور التي تحوي على اعتداء أو عنف على الأطفال، لأن جميعنا بالتأكيد نتحمل هذه المسئولية. لكن الفشل في التمييز بين صور كهذه وغيرها التي تشكل بنية تاريخنا كمجتمع دولي،  تجعل إدارة فيسبوك  تتجاهل دور آخر هام تلعبه في الساحة العالمية.  إزالة منشورات تحوي صور هامة كهذه هو حد لحرية التعبير والديموقراطية  وحق الانتقاد والسؤال، والكشف عن الأحداث الماضية كما هي بالفعل، وليس كما تريدها الشركة الكبيرة أن تبدو.  أنا سعيدة لايضاح أن فيسبوك قرر الآن الارتجاع عن هذه السياسة في هذه الحالة، لكن بعض الأسئلة الخطيرة لا تزال قائمة.

استخدام وسائل الإعلام اليوم هو رقمي بشكل متزايد، حيث تجاوزت منصات الأخبار ووسائل الإعلام الإجتماعي مثل فيسبوك، انستجرام، منافذ الأخبار التقليدية كمصادر رئيسية للمعلومات، والأخبار، والبقاء على إتصال مع كل ما يحدث في العالم حولنا. وتحظى هذه المنصات الرقمية بأكثر زيارتنا، خاصة بين جيل الشباب، ومكنت الناس من إنشاء ومشاركة محتواهم الخاص.  ومع هذا اليسر في الوصول للمعلومات في العالم اليوم، تأتي مسئولية كبيرة لسن سياسات تجعل لهذه المساهمات تأثير إيجابي على المجتمع.

ممارسة حقوق تحريرية شاملة كهذه، تنتهي بالشركات الكبيرة التي من المفترض أن توحدنا سويا على المستوى الإنساني من خلال  الشفافية إلى تحريف التاريخ. وتغيير الحقيقة.  حيث يحد فيسبوك وغيره من خوازمات المنافذ الإعلامية من المحتوى الذي يمكن أن يراه المرء تبعًا لمصالح وأفضليات خاصة به.  هذا النوع من التضييق يفرض قيودا على الرؤية الشمولية للمستخدم.  نحن نخاطر بإنشاء مجتمعات موازية فيها الناس غير واعين بالقضايا الحقيقية التي تواجه العالم، وبما أننا نسير نحو عالم آليّ، هذه ليست مسئولية تتولاها الآلات وحدها.

وتحاول إدارة فيسبوك تغيير التاريخ من خلال حذف صورة أيقونية كصورة فتاة “النابالم”، التي لعبت دورًا جوهريًا في تحويل أنظار العالم إلى قسوة وألم هذه الحرب.  أريد لأطفالي، وأطفال العالم أن ينشئوا في مجتمع يُروى فيه التاريخ كما كان بالفعل.  في مجتمع يمكنهم أن ينشأوا فيه كأفراد ناضجين عبر التعلم من تجارب الأجيال السابقة، وليصبحوا أكثر وعيًا بما يجري في العالم.  عليهم أن يفهموا ما حدث في لحظاتنا القاتمة والمضيئة . واليوم، الصور هي أكثر السبل أهمية وقوة في التواصل. حيث يجب أن تصف الحقيقة.


سيكون مأساويًا للتاريخ وللحقيقة، أن تعرفه اعتمادًا على روايات على لسان أي شركة.  لهذا أؤمن أنه من الإلزامي أن تتولى منافذ إعلامية كهذه المسئولية بجدية، حيث لها تأثير عظيم على وصول المستخدمين للمعلومات. في النهاية منصات وسائل الإعلام الإجتماعي للناس ومن الناس، حيث لا يمكنك السماح للالات بالتحكم في مبادئك الأخلاقية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى