سياسةمجتمع

واشنطن بوست: كيف أثّرت تجربة مصر في إخوان تونس؟

 واشنطن بوست: انتزاع السلطة من الإخوان المصريين عزز الاتجاهات البرجماتية التدريجية لدى “نهضة” تونس

واشنطن بوست – مونيكا ماركس – ترجمة: محمد الصباغ

يؤكد الاعتقاد السائد في الأوساط السياسية والأكاديمية أن حزب النهضة التونسي الإسلامي واجه صعوبات كنتيجة مباشرة للإنقلاب العسكري المصري في يوليو 2013 الذي أطاح بمحمد مرسي. حسب الإفتراضات فحزب النهضة الذي فاز بالأغلبية في الإنتخابات التونسية في 2011، يتبع نفس النهج الإسلامي لجماعة الإخوان المسلمين المتمركزة في مصر. لكن كلا الطرحين يتجاهل خصائص مهمة للسيناريو التونسي، منها منطق النهضة على المدى الطويل، وأهمية الضغط الداخلي من اليساريين المعادين للإسلاميين، وإلى أي مدى قدم حزب النهضة تنازلات رئيسية في مقابل تسليم السلطة رسمياً إلى حكومة تسيير الأعمال برئاسة مهدي جمعة في 28 يناير 2014.

وبدلا من تغيير استراتيجية حزب النهضة من الأساس، أدى الإنقلاب الذي أطاح بمرسي وشن حملة أمنية ضد الاخوان المسلمين إلى تعزيز المواقف البرجماتية والسياسات التدرجية لتحقيق أهداف حركة النهضة، وهى أمور فاصلة ساعدت النهضة على التواجد في المجتمع التونسي.

على عكس جماعة الإخوان المسلمين التي وصلت إلى قمة السلطة في مصر عقب الثورة، كان لحزب النهضة مواقف  بعيدة المدى ومواقف تهدف لتحقيق  المشاركة، ما أدى إلى توافق أكثر في السياسات الديمقراطية. في بدايات 2011، على سبيل المثال، عندما بدأت الفترة الانتقالية في تونس، بدأت الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح الديمقراطي آو المعروفة شعبيا بلجنة بن عاشور، في التناقش حول ما هو نوع النظام الانتخابي الذي ستنتهجه تونس. ساهمت قيادات النهضة في صناعة شروط بناء التحالف وتهميش أنفسهم انتخابيا، وذلك عن طريق دعم نظام التمثيل النسبي ضد نظام وستمنستر (FPTP)، وهو نظام انتخابي يتحدد فيه الفائز بأغلبية الأصوات مهما كان الفارق بسيطا. وتوقع زعيم الحزب راشد الغنوشي، وكان محقاً، أن تطبيق النظام الأخير في تونس سوف ينتج عنه تحالف وانتصار قوي لحزب النهضة يحد من الديمقراطية.

كتب العالم السياسي، ألفريد ستيفن، أن هذا النظام الإنتخابي (وستمنستر) كان سينتج عنه فوز النهضة بأغلبية 90% من المقاعد في انتخابات 2011، بدلاً من الفوز ب 40% تقريباً بسبب نظام التعددية. ودعم الغنوشي وزعماء حزب النهضة الآخرين نظام التمثيل النسبي الذي أفاد الأحزاب الصغيرة، وسيقلل من نسبة الأصوات التي سيحصل الحزب عليها بنسبة 50% .

كان السبب الذي أدى إلى هذا القرار من الغنوشي وباقي قيادات النهضة هو انتخابات الجزائر في 1990 و1991، عندما هيمنت الجبهة الإسلامية على الأغلبية في الجولة الأولى من الانتخابات التي أفزعت النظام الحاكم وقتها وألغى بعد ذلك الانتخابات وشرع في حملة أمنية واسعة ضد الإسلاميين.

هذه التجربة بالإضافة إلى الحرب الأهلية الدامية التي أعقبتها، أثرت بقوة على تفكير حزب النهضة في التسعينيات والعقد الأول من القرن الجديد. وحسب ما لخص قادة النهضة فإن استراتيجيتهم تعني التحرك ببطء وحرص لطمأنة أصحاب المصالح الخاصة والمجتمع عموماً بشكل كبير، وذلك بأنها لا تنتوي السيطرة على المؤسسات الديمقراطية لفرض ما يمثل الدولة الإسلامية.

بينما في مصر، فشل حزب الحرية و العدالة التابع للإخوان المسلمين في تعلم الدروس من الجزائر. وتم القضاء عليه من القضاء وعناصر من العسكريين الذين جعلوا الحكومة تواجه الكثير من الصعوبات، وضاعف الحزب على نفسه كل تلك الصعوبات بمحاولاته السيطرة على السلطة. كما في الجزائر، قامت مظاهرات قوية للقوى الإسلامية وانتشرت الخطب التى تتحدث عن السيطرة الإسلامية. بينما في تونس، تصرف قادة النهضة بضبط نفس. وأشاروا بشكل منتظم إلى التجربة الجزائرية، وظلوا يتحدثون بحساسية تجاه التوقعات بأن الإسلاميين سينتصرون ضد الليبراليين في الإنتخابات.

وعكس الإخوان المسلمين، بقي حزب النهضة محافظاً على وعوده قبل الانتخابات ودعم حكومة التحالف، ولم يرشح أحدا من رجاله أو يدعم أحدا في الإنتخابات الرئاسية عام 2011 و 2014.

دخل حزب النهضة فورا عقب فوزه في الانتخابات التونسية في 2011 التي حصد فيها أغلبية نسبية بـ37% في تحالف مع اثنين هما؛ حزب “المؤتمر من أجل الجمهورية” الذي يقوده منصف المرزوقي و”المنتدي الديمقراطي للعمل والحريات” المعروف بالتكتل في تونس، ويقوده السياسي المعارض مصطفى بن جعفر. ووسط اتهامات بأن النهضة يسيطر على شركائه  بقي هذا التحالف الثلاثي (الترويكا) قائماً من عام 2011 إلى 2013.

خلال  أزمة باردو (منطقة في تونس) في أغسطس 2013، عندما قاد المظاهرات يساريون وعلمانيون وشخصيات على علاقة بالنظام السابق وكلهم غير منتخبين، وهددوا بحل الجمعية التأسيسية التونسية، ووقف حزب المؤتمر والتكتل بجوار النهضة للحفاظ على الجمعية التأسيسية حتى كتابة الدستور التونسي.

والأهم من ذلك أن التحالف بين النهضة والمؤتمر والتكتل ليس جديدا، ولم يكن فقط عقب انتخابات 2011، لكن كانت له جذور طويلة عبر محادثات القوى المعارضة في الألفينات. وشملت تلك المحادثات عشرات النشطاء المعارضين المستقلين، ومجموعات من مؤسسات المجتمع المدني وممثلين سياسيين عارضوا نظام بن علي، وشمل هؤلاء أيضاً قادة من التكتل والمؤتمر والنهضة.

وظهرت وثائق أظهرت أن محادثات الأحزاب تمت في مدينة “آكس آن بروفانس” بفرنسا ومدينة روما الإيطالية، ووقعوا خلالها على مبادئ أساسية تشمل تعهدات بخلق نظام سياسي ديمقراطي يؤكد سيادة الشعب كمصدر واحد للسلطة ويؤكد على المساواة بين المرأة والرجل.

وفي عام 2007 أصدرت تلك الكيانات التي كانت قد شكلت في 2005 حركة باسم ( تجمع 18 أكتوبر)، بإصدار وثيقة عنوانها ”إعلان بشأن حقوق المرأة و المساواة بين الجنسين“، وأكدوا من جديد بقوة على قانون الأحوال الشخصية التونسي لعام 1956، الذي يحظر تعدد الزوجات ويعطي المرأة الحق في الطلاق. ولم يكن النهضة على استعداد فقط لعقد محادثات فقط مع العلمانيين بل وصل الأمر إلى كتابة تعهدات رئيسية معهم مثل أولوية سيادة الشعب على الشريعة، وتجنب أي ذكر للشريعة الإسلامية. وبالتالي كان التحالف موجوداً في الواقع من خلال محادثات ومفاوضات واتفاقات موقعة رسمياً قبل كل من انتخابات 2011 والإنقلاب المصري في 2013.

واختبرت الفترة التي قضاها النهضة في السلطة عقب انتخابات 2011 التزامات قادة الحزب بالبرجماتية و سياسة التدرج في تحقيق الاهداف. وخلال عقود من النفي والقمع، أظهر الغنوشي بمساعدة قادة آخرين مرونة وأخلاقيات مبنية على فهم الشريعة التي يكون الأولوية فيها للعدالة الإجتماعية على حساب الحدود الشرعية.

وبعد الثورة أكد عناصر من النهضة من ضمنهم الغنوشي وبعض من شاركوا في المحادثات في بدايات الألفينات، على أن النهضة لا يسعى لتقنين كلمة الشريعة. ومبدأ الشمولية كافي لإفراز نظام ديمقراطي شامل يحترم المبادئ الرئيسية لسيادة الشعب والعدالة الإجتماعية والكرامة الإنسانية. ولم يتفهم كل أعضاء حزب النهضة أو يتفقوا مع وجهة نظر الغنوشي. وعقب الثورة التونسية، بدأ حزب النهضة في عملية إعادة تنظيم لنفسه فكرياً وتنظيمياً. وكانت هذه العملية على الملأ، وكان الجناح الاكثر تشدداً في النهضة، ويقوده الصادق شورو والحبيب اللوز، قد غضبوا من أجل استخدام تفسيرات متشددة في لغة الدستور بخصوص بعض القضايا الرئيسية مثل التشديد أو عدم التشديد على استخدام كلمات تعرف تونس كدولة إسلامية وأيضاً تجرم الكفر.

ومع بداية كتابة الدستور في 2012، ازدادت الشكوك بشدة حول النهضة وأنها تجهز سراً للأصولية والفاشية. وكانت تلك الاتهامات انتشرت بين اليساريين وشرائح موجهة من العلمانيين في المجتمع التونسي، نسبتهم أكبر في تونس عن مصر والجزائر والدول العربية الأخرى.

وكانت تلك الاتهامات مدعومة من بعض شبكات المجتمع المدني التونسية مما أدى إلى وضع ضغط شعبي على الحزب من أجل تنازلات أكثر في صياغة المواد الدستورية. وقد رد قادة النهضة سريعا على تلك الأصوات، وجاء الرد أيضا من أعضاء البرلمان عن الحزب وأعضاء مجلس شورى الحكم بحزب النهضة الذى يبلغ عددهم 150 عضوا ويعقدون اجتماعات لمناقشة المواقف المثيرة للجدل والتصويت عليها.

وعلى مدار أربعة مسودات للدستور، تأثرت النهضة بالضغط الشعبي، والمناقشات في لجان الدستور، ونصائح الخبراء التونسيين والدوليين. وأخذت خطوات للخلف وساومت على عدد من القضايا الهامة وكل ذلك كان قبل الانقلاب المصري.

وانعكس ذلك الأسلوب على النسخة النهائية من الدستور التونسي الذي تم الموافقة عليه بـ 200 صوت من أصل 217 صوتا في 26 يناير 2014. وأظهرت التنازلات على الجانبين السياسي والفكري. تنازل قادة النهضة عن بعض قضاياهم الرئيسية، ففي مسألة أن يكون نظام الحكم برلماني كما أرادت النهضة أو رئاسي كما أرادت أحزاب المعارضة، وفي النهاية دعم النهضة النظام المختلط الذي يعطي للرئيس صلاحيات أكبر مما كان يريدها الحزب.

أما بالنسبة للتسويات السياسية بالنسبة للقضايا فقد عرّف الدستور تونس كدولة مدنية أكثر منها إسلامية، وأغفل المقترحات التي تجرم الكفر، وتؤكد على دور المرأة والرجل ”المكمل لبعضهما البعض داخل الأسرة”.

وكل تلك التسويات أو التنازلات كان يعمل عليها خلال خريف 2012 وربيع 2013. وكانت بالفعل قد كتبت في المسودة الثالثة للدستور التي صدرت في إبريل 2013، قبل الإنقلاب المصري بشهور.

حدث الإنقلاب المصري في يوليو 2013، ورغم ذلك كان له بعض التأثير على تونس. فقد جرأ نشطاء المعارضة، وصنع بعضهم نسخة مكررة من حركة تمرد من أجل إجبار حكومة الترويكا على التخلي عن السلطة. وقال هؤلاء النشطاء إن حكومة الترويكا فقدت شرعيتها بالكامل، ويجب أن تتخلى عن السلطة إلى حكومة تكنوقراطية غير مسيسة فوراً.

واستغلالاً للفرصة، نادى قادة حزب نداء تونس المعارض غير المنتخبين  بحل لجنة الدستور واستبدال حكومة الترويكا بأخرى تكنوقراط.

كانت تمرد التونسية والنداءات بحل تأسيسية الدستور مجرد أحداث هامشية حتى الاغتيال السياسي الثاني في تونس في 25 يوليو الذى أودى بحياة السياسي محمد البراهمي. كان البراهمي من أبرز القوميين العرب، من نفس التحالف الانتخابي الذي انتمى اليه شكري بلعيد لذي اغتيل قبله بخمسة أشهر في فبراير 2013، وصدم قتله المجتمع التونسي.

أثار مقتل بلعيد التساؤلات حول أن حكومة الترويكا وتحديداً حزب النهضة، الذي انتقده كثيراً بلعيد، مسؤولين عن ذلك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

ومع نجاح حركة تمرد في مصر وخيبة الأمل الكبيرة في إدارة حكومة الترويكا، أشعل اغتيال محمد البراهيمي النيران. وخلال أغسطس 2013، تظاهر عشرات الآلاف خارج مبنى تأسيسية الدستور في ضاحية باردو التونسية للمطالبة بحل اللجنة التأسيسية واستقالة حكومة الترويكا.

واستقال العشرات من أعضاء البرلمان المعارضين، و كان هذا الوقت اختباراً عظيماً لحركة النهضة وحلفائها. في السادس من أغسطس اتخذ مصطفي بن جعفر، رئيس تأسيسية الدستور، قرارا مثيرا للجدل وذلك بإيقاف عمل اللجنة مؤقتاً، وبدأ في قيادة جهود حكومة الترويكا من خلف الستار لإيجاد طريق للتفاوض والوصول إلى حل مرضي لجميع الأطراف.

عارض بعض أعضاء حزب النهضة والمؤتمر قرار بن جعفر، ورأوا أن إيقاف عمل التأسيسية هو رضوخ لمطالب متظاهرين معارضين للعملية الديمقراطية. وبدا بن جعفر نفسه مختلفاً، ففي مقابلة له في 4 نوفمبر 2014، فسر القرار بأنه خطوة استراتيجية ضرورية حفاظاً على اللجنة التأسيسية للدستور من مطالب المعارضين للديمقراطية والمطالبين بحل اللجنة. فقال: ”إيقاف عمل الجمعية لا يعني إعطاء شرعية للمطالبين بحلها. هؤلاء الأشخاص ليسوا ديمقراطيين كما يقولون. وبجانب ذلك تمسكت بالقانون وتمسكت باللجنة التأسيسية… لقد حافظت على اللجنة“.

من وجهة نظر مؤيدي النهضة فمظاهرات باردو مثلت هجوماً على شرعية حكومة الترويكا المنتخبة، وحاولت أن تعطي السلطة إلى حكومة تكنوقراط غير منتخبة من نداء تونس، وقد يعيدون سياسات النظام القديم. ومالت قواعد حزب النهضة إلى معارضة قرار قياداتها بالتفاوض مع نداء تونس ومؤيدي المظاهرات الآخرين، وقالوا إن ذلك يعتبر إضفاء للشرعية  على مطالب قوى غير منتخبة تعارض الديمقراطية.

وبعيدا عن المعارضة، قام حزب النهضة بمساعدة أعضاء بارزين في اتحاد الشغل التونسي وثلاثة أعضاء آخرين بعمل مفاوضات رباعية، وتوصلت إلى خطة لاستكمال الدستور، واختاروا لجنة للإنتخابات التى ستنقل السلطة إلى حكومة من التكنوقراط.

في يوم 28 يناير 2014 أي بعد يومين فقط من إقرار الدستور قام رئيس الوزراء التابع لحزب النهضة على العريض بنقل سلطته إلى رئيس وزراء من التكنوقراط، وهو مهدي جمعة.

مثل هذا الحل التكنوقراطي لإنهاء التوترات لم يأت بدون سوابق. تنازلت النهضة عن بعض الوزارات الرئيسية إلى وزراء من التكنوقراط في مارس 2013. وكان معارضة قرار حمادي الجبالي رئيس الوزراء في ذلك الوقت منتشرة بين القيادات في الحزب، مع اتهامات له بالرضوخ لضغوط من عناصر  من النظام القديم. وفي نهاية المطاف عقب قبول النهضة بقرار الجبالي، بات من الواضح أنه فرض على النهضة حكومة مختلطة من التكنوقراط قبل الإطاحة بمرسي في مصر بشهور. ويعد ذلك دليلاً آخر على أن تنازلات النهضة السياسية والفكرية كانت جزء من واقعية عملية سبقت الإطاحة بمرسي.

من المؤكد أن سقوط مرسي كان له تأثير ملموس في تونس، مثل جرأة مظاهرات تمرد وإذكاء مظاهرات باردو.

قادة النهضة الذين انتقدوا وسخروا أحيانا من جماعة الإخوان المسلمين، واعتبروها حركة رجعية ومتمردة وغير متعاونة في الفترة من 2011 إلى 2013، تأثروا بشدة عقب الهجوم على المتعاطفين مع الإخوان في رابعة العدوية.

وبدأ قادة الحزب في إظهار رسائل التعاطف، وقالوا إنه مهما كانت أخطاؤهم في السلطة، الإخوان المسلمين لا يستحقون الإطاحة بهم بطريقة غير ديمقراطية، ولا انتهاك حقوقهم، ولا حتى التضييقات الأمنية ضدهم.

وساهم الانقلاب أيضاً في تخفيف التأييد الكبير تجاه التطهير الذي يقوم به أعضاء البرلمان من حزب النهضة، الذي كان يستهدف استبعاد أشخاص كانوا في مناصب في حزب بن علي. كانت معارضة الغنوشي وقادة النهضة الآخرين لإصدار تشريعات التطهير ناتجة عن إلتزامات طويلة الأمد بالتدرج السياسي وعلى الأرض متعلمين من دروس الجزائر و الفشل الكبير لقانون العزل في ليبيا بالإضافة إلى الإنقلاب في مصر.

و أقنعوا القيادات التي تؤمن بضرورة العزل السياسي بأن عزل الكثير من أعضاء النظام القديم قد يصنع ظروفاً تساعد على الإنقلاب الذى قد يكون أسهل بعد الإطاحة بمرسي.

و بالإضافة إلى ذلك خوف النهضة من أن تتحول بين ليلة وضحاها من الحركة الملتزمة الإسلامية إلى مزيج من الإسلاميين الخائفين والودودين، كما يقال عنها أحياناً. قدم الإنقلاب ضد مرسي وعزز مبررات جديدة لبرجماتية النهضة والتدرج والدعم للتوافقات طويلة الأمد، وتمثلت في المفاوضات التاريخية للحزب والتطور الداخلي للحركة بالإضافة للتسويات التي قامت بها عقب انتخابات 2011.

لذا لا يمكن وصف تسويات النهضة و خصوصاً قرارها بالتخلي عن السلطة رسمياً في عام 2014 بأنها نتيجة للتأثير بالوضع المصري، أو أن نعتبر أن النهضة تسير بالضرورة على منهج الإخوان المسلمين في الهيمنة والتشدد ما أدى لحصولها على أغلبية المقاعد الانتخابية في عام 2011. فنهج النهضة طويل الأمد وحافل بالتسويات الفكرية التي أثبتت أن قيادتها وأفكارها مختلفة جذرياً عن الإخوان المسلمين.

كانت المعارضة الكبيرة من مؤسسات المجتمع المدني العلمانية واتحاد الشغل اليساري والنظام القديم غير المنتخب وتحالفهم بين أعوام 2011 و 2014 خلقوا توجهاً تونسياً ضد الإسلاميين.  وفرضوا الكثير من القيود لعرقلة النهضة بعيداً عن المؤسسات المنتخبة، ويعد ذلك أكثر بكثير مما واجهه الإخوان المسلمون في مصر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى