سياسة

لوموند: رجال السيسي ذوو الأقنعة السوداء

قوات التدخل السريع التابعة للجيش  تحل محل قوات الداخلية الخاصة  .. هل ترسم مصر صورة معكوسة لما حدث في السودان؟

 

جيريمي هودج ونزار مانيك – لوموند ديبلوماتيك

قوات التدخل السريع - الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري للقوات المسلحة
قوات التدخل السريع – الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري للقوات المسلحة

إعداد وترجمة – محمود مصطفى

شوهدت قوات التدخل السريع المصرية للمرة الأولى خلال انتخابات الرئاسة الشهر الماضي. وأمكن تمييزهم عن غيرهم من وحدات الجيش عبر الأقنعة السوداء التي ارتدوها أسفل خوذاتهم.

في الخامس والعشرون من مارس وفي معسكر صحراوي،  تحدث المشير ووزير الدفاع والإنتاج الحربي السابق عبد الفتاح  السيسي إلى جنود الوحدة الجديدة. كان مقتصداً في خطابه الذي استمر لعشرة دقائق في احتفالية بالوحدة: ستقضون على الأزمات المحلية.

الوحدة تم تشكيلها من بين أكثر الكوادر العسكرية المصرية تدريباً ويمتلكون قدرات، بحسب ما قال الرئيس الحالي، لا تتوفر إلا للجيوش المتقدمة.

وإذا كان السيسي هادئاً وبراجماتياً في تناوله لمهام الوحدة الجديدة فإن أحد برامج التوك شو المشهورة وصاحب العلاقات الوثيقة بالأجهزة الأمنية تدخل بلا اكتراث كي لا يترك مجالاً للشك. المذيع أحمد موسى وصف مهمة قوات التدخل السريع بأنها “مكافحة الإرهاب وتأمين الجبهة الداخلية للبلاد.”

Untitled

وستستخدم القوة الأمنية الجديدة الموازية للشرطة والتي يتحكم بها الجيش للقمع المحلي متعدية على اختصاصات كانت بالاعتياد من اختصاص وزارة الداخلية.

الوحدة بدأت بتأمين اللجان الإنتخابية اللي انتخب فيها 47% من 54 مليون ناخب قائد الجيش السابق بنسبة 97% من الأصوات، وأحد الخطوات التالية لها ستكون تأمين الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها خلال ثلاثة أو أربعة أشهر لانتخاب 450 عضو جديد لمجلس النواب المنوط به دستورياً إقرار القوانين بأغلبية مطلقة.

وإكمالاً لهذا كله، يشكل الموالون للسيسي ومنهم مراد موافي، مدير المخابرات العامة السابق وزميل السيسي في المخابرات الحربية، حزباً سياسياً لهم اسمه “الريادة”.

السيادة في الدولة الأمنية، وهي دولة داخل الدولة في مصر، هي في الحفاظ على وزارة الداخلية التي تضم ما يقرب من 36 قسماً منها قوات الأمن المركزي وقوات حرس الحدود وقوات الشرطة وأمن الدولة.

في فيديو مسرب في فبراير الماضي، يعتقد أنه تم تسجيله خلال عهد الرئيس السابق محمد مرسي، ادعى السيسي، وزير الدفاع وقتها، أن مهام وزارة الداخلية تتضمن “مواجهة الشغب” وبالمقابل فإن دور القوات المسلحة “الحفاظ على الأمن القومي المصري وحماية الحدود،” وأضاف أن “الشرطة المدنية لها ما يخصها في الشؤون الداخلية سواء التعامل مع البؤر الإجرامية أو الإرهابية.”

واستمر السيسي في حديثه مذكراً بالهجمات الإرهابية التي حدثت في الصعيد في التسعينات “طٌلب من القوات المسلحة أن تتدخل، ورفضنا،” مؤكداً “هذا ليس دورنا ولن يكون.”

مهام قوات التدخل السريع ستكون بالأخص تحقيق الإستقرار والأمن وهو ما يتعدى على دور الجناح العسكري لوزارة الداخلية وهي قوات الأمن المركزي والتي يتراوح حجمها بين 300 و450 ألف من القوات وأنشأت عام 1977 بعد أعمال العنف الواسعة التي اندلعت عقب قرار الرئيس أنور السادات والبنك الدولي برفع الدعم عن الخبز.

قوات الامن المركزي، في ظل ضآلة الأجور وضعف التدريب، خدمت منذ ذلك التوقيت كشرطة مكافحة شغب ووضعت في الصفوف الأولى في أغلب الأوقات في المواجهات بين الشرطة والمتظاهرين.

في الخامس والعشرين من فبراير عام 1986 ولأربعة أيام قام آلاف من المجندين في قوات الأمن المركزي بتمرد عسكري ضد قادتهم وهو التمرد الذي طلب مجلس الشعب من الجيش نفسه التدخل لإخماده. قوات الأمن المركزي المميزة باالأرديتة السوداء إلى جانب وحدات الشرطة الأخرى وبلطجية الحكومة المأجورين  لطالما كانوا العمود الفقري للدولة البوليسية في مصر والذي استخدمته لفرض الاستقرار الداخلي.

رؤساء مصر المتعاقبون من بعد الاستعمار من جمال عبد الناصر وحتى حسني مبارك، متخوفين من انقلابات محتملة، سعوا إلى بناء سطوة وزارة الداخلية كشرطة محلية وجهاز جمع معلومات لكي تكون الوزارة ثقلاً يتوازن مع سطوة القوات المسلحة ولتدخل الوزارة بعمق في زمرة شبكات التجسس المتنافسة في مصر.

النظام المجاور في السودان قام بالمثل بنشر ثلاثة ألوية من قوات الدعم السريع شبه العسكرية من أجل حماية نفسه.

قوات الدعم السريع، التي تديرها الأجهزة الأمنية في الخرطوم بدلاً من الجيش، غالباً ما ترسل لمحاربة الجبهة السودانية الثورية المعارضة في جنوب كردفان حيث تعاني قوات الجيش، وتتهم قوات الدعم السريع بارتكاب جرائم حرب وأعمال وحشية ضد المدنيين في جنوب كردفان وفي دارفور أيضاً.

تبدو مصر ذاهبة في الطريق المعاكس، فتشكيل الجيش لقوات التدخل السريع يخرق التقسيم السابق المتفق عليه للعمل بين القوات المسلحة ووزارة الداخلية. على الأرجح يشير هذا الخرق، عقب الانقلاب العسكري المدعوم شعبياً الذي أطاح بمرسي في يوليو الماضي والفراغ الأمني الذي تلا ذلك، إلى بداية تحكم في السلطة من قبل القوات المسلحة على حساب وزارة الداخلية حيث يُخضع جنرالات القوات المسلحة جنرالات وزارة الداخلية ويكملون خارطة الطريق الإنتقالية لمصر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى