سياسةمجتمع

شهر على مذبحة المنيا..مينا: لا أغادر المنزل..ووالدته: الجيران يقولون انتم انتخبتم السيسي

سكان قرية دير الجرنوس: الحكومة لم تفعل شيئًا لعائلات الضحايا 

رويترز

ترجمة سلمى خطاب

نادرًا ما يغادر التلميذ مينا حبيب منزله هذه الأيام، فالطفل صاحب الـ10 أعوام مازال يتعافي من رؤية إسلامي مسلح قتل والده بسبب كونه مسيحيًا، في هجوم استهدف مجموعة من الأقباط كانوا في طريقهم إلي دير الأنبا صموئيل بالمنيا الشهر الماضي، وأسفر عن مقتل 29 قبطيًا –بينهم والد مينا- وإصابة 24 آخرين.

بعد شهر من هذا الهجوم، مازال سكان قرية دير جرنوس المسيحية التي كانت موطنًا لسبعة من ضحايا الهجوم، يقولون إن الحكومة المصرية لا توفر الحماية اللازمة للأقباط، ولا تفعل شيئًا لحماية عائلات الضحايا.

يتلقى مينا علاجًا نفسيًا في كنيسة محلية، بعدما غابت الحكومة عن تقديم أي علاج، كذلك يفعل شقيقه ماركو (14 عامًا) الذي هرب من الهجوم، وأصبح يزور ديرًا لقراءة الإنجيل كنوع من العلاج النفسي.

مازالت الصدمة تسيطر على سكان القرية الذين يخافون من التعرض لأي هجوم آخر، ويطلبون من الرئيس عبد الفتاح السيسي أن يفي بوعده في حماية الأقباط، فلا يوجد أي قوات أمن إضافية في القرية، ونقطة الشرطة الوحيدة تقع خارج القرية في الصحراء التي وقع فيها الهجوم.

في واحدة من أولي الشهادات المفصلة عن هجوم المنيا الذي دفع مصر إلي شن هجمات جوية على ليبيا، قال مينا لـ”رويترز” إن “الصدفة وحدها هي ما أنقذته هو وشقيقه ماركو من الهجوم”، فهم كانوا على ظهر شاحنة في طريقها لدير الأنبا صاموئيل، حين أوقفهم المسلحون.

وقبل ذلك، كانت الدماء والجثث تتناثر في الطريق الصحراوي المؤدي إلي الدير، وكان من الواضح أن سيارتين تم مهاجمتهما بالفعل.

يروي مينا “رأينا ناس ميتة وجثثهم ملقاة على الأرض، سألوا والدي عن بطاقته ثم طالبوه بأن يقول الشهادة الإسلامية، فرفض وقال أنه مسيحي، فأطلقوا عليه النار هو وكل من كانوا في السيارة”.

وقال مينا أنه كان هناك نحو 15 رجلًا مسلحًا، لا يعرف إلي الآن كيف نجا هو وشقيقه ماركو بينما قُتل أطفال آخرون كانوا في مكان الحادث.

ويتذكر مينا “رأونا على ظهر الشاحنة، وجعلونا نخرج منها، كان هناك رجل يرتدي زيًا يشبه زي قوات الأمن وجه سلاحه نحونا، لكن رجلًا آخر كان يرتدي ملابس سوداء قال له أن يتركنا نذهب.. كل مرة كانوا يقتلون فيها أحد كانوا يصيحون الله أكبر”.

يضيف ماركوا “كانوا يتحدثون باللهجة المصرية مثلنا، وكانوا جميعهم يرتدون أقنعة ماعدا اثنين منهم، كانوا يشبهوننا، ولم يكونوا ملتحين”.

نفذ المسلحون الهجوم على ثلاث سيارات، أول ما تم استهدافه كانت حافلة تقل أطفال وعائلات إلي الدير، حيث أطلق مسلح النار في البداية على النافذة، ثم قتل كل الرجال، وأطلق النيرات على أقدام السيدات والأطفال، وأخذوا متعلقات النساء الذهبية، وقتلوا بعض الأطفال بحسب روايات بعض شهود العيان.

ثم أوقف المسلحون شاحنة عادل حبيب التي كانت تقل عمال مسيحين، قتلوا العمال وأخذوا السيارة.

قرية دير جرنوس المسيحية التي كانت موطنًا لسبعة من ضحايا الهجوم،

بعدما رحل المهاجمين عن مكان الحادث، أوقف ماركو سيارة ووضع مينا –شقيقه الأصغر- فيها لتوصله إلي مكان آمن، وعندما وصل إلي مكان التقط فيه هاتفه إشارة على الطريق الصحراوي، اتصل ماركو بوالدته.

تقول هناء يوسف –والدة الطفلين وأرملة عادل حبيب- “في البداية أعتقدت أن أحدهم يحاول سرقة الشاحنة، لم أتخيل أن يكون هجوما إرهابيا، فزوجي معتاد على الذهاب إلي هذا الدير منذ 25 عامًا ولم يحدث أبدًا شيئً مثل هذا”.

الآن، تبقي هناء طفليها في المنزل الذي كتب الجيران على جدرانه –مينا وماركو جدعان-، ولا تسمح الأرملة للأولاد بالخروج إلا لحضور جلسات العلاج النفسي في الكنيسة، ويقول مينا “منذ اليوم الذي شاهدت فيه الحادث أنا دائمًا في المنزل”.

منذ الحادث أصبح الطفل مينا حبيب نادرًا ما يغادر المنزل

على جانب آخر، يقول الطالب الجامعي كيرلس إسحق الذي قُتل والده في الهجوم أيضًا “الشرطة والجيش والحكومة تهملنا، لا أحد يحمينا سوى الله، فهو يعرف أن المسيحيين غير محميين في هذا البلد”.

ويقول الأقباط الذين يشكلون نحو 10% من إجمالي عدد سكان مصر البالغ 29 مليون أنهم مضطهدون منذ سنين، وفي الأشهر الماضية تزايدت الهجمات ضدهم، وأسفرت عن ما يقرب من 100 قتيل.

ويدعم الأقباط في مصر الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي تعهد على نفسه بالقضاء على الإسلاميين المسلحين، وحماية الأقباط، وأعلن حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر بعد تفجير كنيستين في طنطا والإسكندرية في إبريل الماضي.

لكن كثيرا من الأقباط أصبحوا يشعرون أن الدولة تفشل في حمايتهم.

تعود هناء يوسف والدة الطفلين وتقول “جيراننا المسلمون يقولون لنا أنتم اخترتم السيسي، لكن منذ أن وصل السيسي إلي الحكم ونحن –الأقباط- من نعاني، وليس المسلمين، فالكنائس تتم مهاجمتها والناس يتم اختطافهم، نحن من نعاني”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى