أخبارسياسة

معركة الباغوز.. نهاية عصر “داعش” في سوريا والعراق

عزف النشيد الوطني الأمريكي.. و"قسد" تطالب بالاعتراف بالحكم الذاتي

أعلنت قوات سوريا الديمقراطية “قسد” المدعومة من الولايات المتحدة يوم السبت، سيطرتها على آخر جيب لتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا لتنهي دولة “الخلافة”، لكن التنظيم المتشدد لا يزال يمثل تهديدا عبر الخلايا النائمة في مختلف أنحاء العالم.

وخرج تنظيم داعش من عباءة القاعدة، وسيطر على مساحات واسعة من الأراضي في العراق وسوريا بدءا من عام 2014، وأقام دولة اتسمت بقطع الرؤوس وشن هجمات عبر أنصاره في الغرب، لكنه تعرض لهزائم متتالية إلى أن حوصر آخر فلوله في قرية الباغوز.

وقال مظلوم عبدي، القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية في مراسم إعلان النصر، إنه يعلن اليوم تدمير ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية وإنهاء سيطرته على الأرض في آخر جيوبه في الباغوز.

ونظمت قوات سوريا الديمقراطية، التي حاصرت الباغوز لأسابيع بينما كانت تنفذ الطائرات الضربات الجوية، عرضا لإحياء ذكرى 11 ألفا من رفاقهم الذين قتلوا في المعارك ضد داعش، وعزفت فرقة النشيد الوطني الأمريكي.

وتمثل السيطرة على الباغوز نقطة تحول كبرى في الحرب على التنظيم المتشدد والتي شنتها قوى محلية وعالمية عديدة، بعضها متصارع، على مدى أكثر من أربع سنوات.

ما زال هناك بعض الأصوات

قال مراسل من رويترز إن بعض أصوات الأعيرة النارية وقذائف المورتر لا تزال مسموعة في المنطقة صباح يوم السبت. وقال عبدي إن الحملة على تهديدات المتشددين الخفية يجب أن تستمر.

وهناك بعض مسلحي التنظيم الذين يتحصنون في مناطق نائية في الصحراء السورية، كما تواروا عن الأنظار في مدن عراقية حيث يشنون هجمات بإطلاق النار أو عمليات اختطاف في انتظار فرصة للظهور من جديد.

أين أبوبكر البغدادي؟

وتعتقد الولايات المتحدة بأن زعيم التنظيم أبوبكر البغدادي موجود في العراق، وكان البغدادي هو من أعلن دولة الخلافة من على منبر جامع النوري الكبير في الموصل عام 2014.

ولم يبد متشددون في أفغانستان ونيجيريا ومناطق أخرى من العالم أي مؤشرات على تراجعهم عن مبايعة الدولة الإسلامية، وتقول أجهزة مخابرات إن أنصار التنظيم المتشدد في الغرب قد يخططون لشن هجمات جديدة.

ترحيب ثلاثي من أمريكا وفرنسا وبريطانيا

ورحبت بريطانيا وفرنسا، اللتان تدعمان أيضا قوات سوريا الديمقراطية، بالتطورات كخطوة كبرى لكن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو حذر من أن المهمة لم تنته قائلا: “ما زال أمامنا الكثير من العمل لننجزه”.

ومن جهته، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم السبت إن 100% من الأراضي التي كانت خاضعة للدولة الإسلامية في العراق وسوريا “تحررت”.

وتابع ترامب قائلا إن الولايات المتحدة ستظل تتحلى باليقظة “حتى تتم هزيمة الدولة الإسلامية بشكل نهائي أينما نشطت”.

وقال باتريك شاناهان القائم بأعمال وزير الدفاع الأمريكي في بيان: “في حين أن هذه علامة فارقة في الحرب على داعش، إلا أننا ندرك أن عملنا بعيد عن الاكتمال”.

السيطرة على آخر جيب لداعش في سوريا

ويشكل انتزاع السيطرة على الباغوز نقطة فاصلة في الحرب السورية الدائرة منذ نحو ثماني سنوات إذ قضت على سيطرة أحد أطراف الصراع الرئيسية على مساحات من الأرض.

وتعهد الرئيس السوري بشار الأسد، بمساعدة حلفائه الإيرانيين، باستعادة السيطرة على كل شبر من سوريا وهددت تركيا بطرد وحدات حماية الشعب الكردية التي تمثل الفصيل الأساسي في قوات سوريا الديمقراطية وتعتبرها أنقرة منظمة إرهابية لكن استمرار الوجود الأمريكي في شمال شرق سوريا قد يحول دون ذلك.

“قسد” تدعو دمشق للاعتراف بالإدارة الذاتية في مناطق سيطرتها

وفي كلمته، حث عبدي الأسد على الاعتراف بإدارة الحكم الذاتي في المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية ودعا تركيا إلى الخروج من المناطق التي تسيطر عليها في شمال سوريا.

ونشأ داعش في الأصل كفرع لتنظيم القاعدة في العراق لكنه استغل الحرب الأهلية السورية لانتزاع السيطرة على الأراضي هناك وانفصل عن القاعدة.

وفي 2014 تمكن التنظيم المتشدد في هجمات خاطفة من السيطرة على الموصل في العراق وألغى الحدود مع سوريا ودعا أنصاره في مختلف أنحاء العالم إلى الانضمام إلى ما وصفوه بدولة الجهاد الفاضلة التي زعم أنه يؤسسها وصك لها عملة ورفع لها علما وأصدر لها جوازات سفر.

وجاء التمويل الذي حصل عليه التنظيم لتنفيذ مخططه من النفط والابتزاز وتهريب الآثار. وشملت مخططاته ذبح بعض الأقليات وإقامة مزادات علنية لبيع أسيرات وتطبيق عقوبات وحشية على أبسط المخالفات لقوانينه وتنفيذ عمليات قتل وحشية للرهائن تستهدف استغلالها للترهيب.

وتسببت تلك الفظائع في حشد عدد من الأطراف لقتال التنظيم مما أسفر عن طرده من الموصل والرقة في هزائم منكرة في 2017 ودفعه في النهاية إلى آخر جيب على الفرات في الباغوز.

أكل العشب

تدفق نحو 60 ألف شخص من ذلك الجيب على مدى الشهرين المنصرمين هربا من القصف الذي تنفذه قوات سوريا الديمقراطية ومن نقص الغذاء الذي وصل إلى مرحلة اقتيات بعضهم على العشب.

وتسببت الضربات الجوية المكثفة خلال الحملة العسكرية في تسوية أحياء بأكملها بالأرض وقالت جماعات معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان إنها تسببت في مقتل الكثير من المدنيين وهو ما ينفيه التحالف بقيادة الولايات المتحدة.

وأوضح عثور قوات سوريا الديمقراطية على مقبرة جماعية الشهر الماضي أن هناك مخاطر أخرى تحيق بمن هم في الجيب لكنها لم تكشف عن تفاصيل عن هويات المدفونين فيها أو كيف لقوا حتفهم.

وقالت قوات سوريا الديمقراطية إن أكثر من نصف من خرجوا من الجيب من المدنيين بينهم ضحايا للدولة الإسلامية مثل أسيرات يزيديات تعرضن للاسترقاق الجنسي.

كما ترك آلاف من أشد المناصرين للتنظيم الجيب وهم يواصلون التعهد بالتمسك بولائهم له ولدولة الخلافة الزائلة ودون أي بادرة من ندم.

وأرسلت قوات سوريا الديمقراطية من خرجوا من الجيب إلى مخيمات للنازحين في شمال شرق البلاد بقي فيها المتشددون، ومن بينهم أجنبيات جئن لسوريا والعراق للزواج من ”مجاهدين“، بمعزل عن السكان الآخرين الذين يعاني أغلبهم من الصدمات بسبب الصراع.

وشكل مصير هؤلاء الأجانب معضلة للحكومات التي تعتبرهم تهديدا أمنيا تتردد في الاستجابة لمطالبات متكررة من قوات سوريا الديمقراطية بإعادتهم لبلادهم.

ومع تطور القتال على مدى الأسابيع الماضية بدأت قوافل الشاحنات التي تخرج من الباغوز في نقل المئات ثم زاد العدد للآلاف من المسلحين المستسلمين كثير منهم لحقت بهم إصابات.

وقالت قوات سوريا الديمقراطية إنها أسرت مئات في الأسابيع الماضية ممن حاولوا التسلل والهرب للعراق أو عبر نهر الفرات إلى الصحراء السورية.

وفي النهاية حوصر المتبقون من التنظيم في معسكر صغير يمتلئ بالمركبات الصدئة ومناطق الإقامة المؤقتة على ضفة الفرات وتطل عليه منحدرات تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية.

ونشرت الدولة الإسلامية تسجيلا مصورا من داخل الجيب تظهر آخر مقاتليها وهم يطلقون النار على قوات سوريا الديمقراطية بينما تصاعد الدخان في المشهد.

وكانت تلك محاولة من التنظيم لرسم صورة للهزيمة على أنها مقاومة بطولية أخيرة ضد قوة قاهرة ودعوة لآخرين لحمل السلاح.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى