سياسة

وثائق جديدة: كيف خدعت أميركا بريطانيا في أزمة ناصر56؟

كتاب لرئيس الوزراء الأسترالي الأسبق جون هاورد يحكي كيف خدعت أميركا بريطانيا في أزمة السويس ودمرت علاقتها باستراليا  .

Photograph from album maintained by Dame Annabelle Jane Mary Rankin DBE - Queen Elizabeth II with Prime Minister Robert Menzies at an official function during her first visit to Australia in 1954 - page 15

FRANK COLETTA FOR DAILY MAIL AUSTRALIA

ترجمة – محمد الصباغ

يعتبر السير روبرت منزيس محب بريطانيا الكبير و صانع التاريخ في بلاده أستراليا حيث يعتبر صاحب المدة الأطول كرئيس وزراء، كما أنه صنع تاريخا كبيرا في السياسة البريطانية. وبالرغم من ذلك تم اختبار ولائه بشدة من نظيره البريطاني السير أنطوني ايدين خلال أزمة قناة السويس.

أصبحت أزمة قناة السويس التى سبقت الحرب الباردة، نقطة فاصلة في العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية و بريطانيا و حوصر الزعيم الأسترالي الأكثر احتراماً في المنتصف. تم نشر القصة حديثاً في كتاب عن الحياة السياسية لمنزيس بعنوان ”عصر منزيس“، و ألف الكتاب رئيس وزراء سابق وهو جون هاورد.

و في الكتاب يقول هاورد:”أزمة قناة السويس أحداث خطيرة و مختلفة تم وصفها بالنفس الأخير للإمبراطورية البريطانية، حيث انهارت الثقة بين الولايات المتحدة و بريطانيا و دمرت الأزمة الحياة المهنية لرئيس الوزراء البريطاني أنطوني ايدن.. لقد كانت دراما سياسية انتشرت عالمياً و كان لبعض الوقت رئيس وزرائنا، روبرت منزيس، في قلبها.“

ذكر هاورد في كتابه أن الأزمة بدأت حين قرر الرئيس المصري جمال عبد الناصر التحكم في حركة الملاحة في قناة السويس بعيداً عن بريطانيا و فرنسا و كانت القناة مركز التجارة العالمية في ذلك الوقت. هنا فكر الغرب في كيفية انتزاع الممر التجاري مرة أخرى من مصر.

و اجتمعت بعد ذلك الدول الغربية في من أجل النقاش حول الأزمة، مع وجود مفاوضات مبكرة قادها وزير الخارجية الأمريكي جون فوستر دالاس. و على الرغم من ذلك ابتعد دالاس من المحادثات بعد ذلك مخبراً رئيسه أيزنهاور ”من الأفضل أن تكون أمريكا أقل ظهوراً.“

كان الإقتصاد الأمريكي في تلك الفترة غير مرتبط بالتجارة عبر قناة السويس على خلاف معظم دول أوروبا. و علمت أمريكا آنذاك أن البريطانيين لم يكونوا آمنين مالياً في أعقاب الحرب العالمية الثانية، و تلك الأزمة على قناة السويس ربما تعزز موقف الولايات المتحدة كقوة عظمى صاعدة.

و بفعل الدراما السياسية المحيطة بأزمة قناة السويس، كان من المفترض عودة مينزس بعد اجتماع لدول الكومنولث في لندن، و قرر بشكل شخصي تمثيل الدورالأسترالي في المناقشات.

كانت بريطانيا منزعجة من إصرار مينزس ففي حين أن أستراليا ستدعم المملكة المتحدة ضد مصر، يمكن أن يكون الدعم بدون قوات، و الأمر غير واضح. المؤكد أن البريطانيين لم يكونوا سعداء عندما طلب رئيس الوزراء البريطاني من أستراليا إبقاء سفينة حربية بالقرب من اليمن ولم يتلق سوي ”رد حذر“.

و مع مغادرة دالاس، أصبح مينزس مسئولاً عن ايصال الخطة التى وضعت خلال اجتماع لندن لعبد الناصر. و اشتملت الخطة على دعم أمريكي محتمل للرد العسكري على مصر. و ذلك بالرغم من استنكار أيزنهاور علانية لاستخدام القوة، و مغادرة مينزس بوثيقة لا تساوي ثمن الورق التي كتبت عليه. و كتب هاورد في كتابه أن عبد الناصر ”الفج“ فهم أن أيزنهاور أعطاه الضوء الأخضر لصد مينزس.

روبرت مينزس بين حرس الشرف عام 1941 بسيدني

و الأسوأ من ذلك أن مينزس ظل في دعمه لبريطانيا لكن مع التركيز على الأمريكيين. ثم تم تهميش دوره عندما اتفقت بريطانيا مع فرنسا و إسرائيل على شئ عجيب و هو أن تقوم الأخيرة بغزو مصر مقدمة ذريعة لتدخل فرنسا و بريطانيا لإعلان وقف إطلاق نار بين مصر و إسرائيل.

و يضيف هاورد في كتابه:” تم تسجيل تلك الاتفاقية في بروتوكول سيفرز، و قدظل سراً لسنوات كثيرة.“

ثم رفضت مصر بعد ذلك وقف إطلاق النار و بدأ غزو فرنسي إنجليزي لمصر، و تبعته إدانات دولية مدعومة بالولايات المتحدة و أدت لانسحابهم و استقالة رئيس وزراء بريطانيا.

و لخص هاور الحدث بشكل واضح في أن ايدن لم يكن صريحاً مع مينزس حليفه. و كتب:”فشل ايدن في استشارة مينزس قبل اصدار الإنذار لمصر و إسرائيل كان معاملة سيئة لحليفه الوفي.“

”السويس كانت مهمة جداً لمينزس“، كتب هاورد ذلك و أضاف:”لقد وضعته في ضوء الأحداث العالمية فهو من سيقدم العرض لعبد الناصر  بإدارة دولية لقناة السويس ، ولكن  ذلك أصبح مستحيلاً بعد إعلان أيزنهاور أن أمريكا ملتزمة بحل سلمي للنزاع و لا شئ غير ذلك.“

مينزس يحمل صورة كارتونية له

و قال هاورد:” الشئ المفجع على الإطلاق لمينزس هو الأجواء المسممة التي ظهرت في العلاقات بين لندن و واشنطن حول قناة السويس، لقد تحدت رؤية عالمية سيطرت على تفكيره لعقد من الزمن.“

و يضيف في كتابه” بالنسبة له لن يكون هناك أي توتر بين غرائزه الإنجليزية و بين إدراكه و قبوله بأن أمريكا تتحكم الآن في العالم الحر، بسبب الأصدقاء العظماء و الأقوياء، بالرغم من عدم كونهم كذلك في أزمة قناة السويس.“

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى