سياسةمجتمع

انترناشيونال بيزنس تايمز: التحول الديني “محبوس” في مصر

انترناشيونال بيزنس تايمز: التحول الديني “محبوس” في مصر

انترناشيونال بيزنس تايمز – فريد فريد – ترجمة: محمد الصباغ

قبل حوالي 10 سنوات، أصبح بيشوي حجازي أول شخص بالشرق الأوسط يقنع الدولة بالاعتراف رسمياً بتحوله من الإسلام إلى المسيحية وبإدراج ذلك على بيانات بطاقته الشخصية. واليوم، يقبع بداخل سجن طره المصري الشهير، بعد إدانته بتهمة التجديف ولا يعرف متى سيتم إطلاق سراحه.

المفارقة الكبيرة هنا أن إلقاء القبض على حجازي تم في ديسمبر عام 2013، عقب إطاحة الجنرال –آنذاك- عبدالفتاح السيسي بمحمد مرسي لمنع جماعته الإخوان المسلمين من تحويل مصر إلى دولة إسلامية متشددة. لكن مع مرور خمسة اعوام على الثورة المصرية، شهدت الدولة عملية قمع كبيرة للحريات الدينية. كان حجازي بالمنيا ،محافظة في صعيد مصر ودائماً ما تشهد على فتن طائفية بين المسلمين والمسيحيين، يزور أصدقاءه عام 2013. وكمراسل لقناة الطريق العربية المسيحية، كانت معداته معه حين داهمت الشرطة المبنى الذي يتناول فيه الغداء مع صديقه. ألقوا القبض عليه وأخبروه أن الأمر لحمايته شخصياً.

حجازي ،مثل الكثير من الصحفيين في مصر، اتهم بعد ذلك ببث أخبار كاذبة وتشويه سمعة مصر أمام العالم. تم تعذيبه ليلاً ثم نقل إلى سجن بالفيوم. وفي خطاب من 6 صفحات استطاع تهريبه من السجن، قال حجازي إن بعد ذلك تم نقله بين سجن الفيوم وسجن المنيا حتى محاكمته.

حكم عليه بالسجن خمس سنوات، ثم خفضت العقوبة إلى عام. وبعد 8 أشهر مروعة في السجن، صدر أمر بإطلاق سراحه في يوليو عام 2014، لكن الساعات الأخيرة قبل موعد إطلاق سراحه تم نقله إلى سجن آخر على أطراف القاهرة. فوجئ بمثوله أما محقق كان اتهمه بالتجديف الديني (ازدراء الأديان) في قضية يعود تاريخها إلى عام 2009. تجاهلت المحكمة فترة الخمس سنوات التي تسقط بها تلك التهمة بالتقادم، ونقل حجازي إلى سجن طره، حيث يقضي فترة حبس احتياطي يجدد كل 45 يوماً حتى يمثل أمام المحكمة مرة أخرى.

ويقول رفيق حجازي بالزنزانة  هاني الجمل: ”عرفته لمدة خمسة أشهر خلال خلال قضاء عقوبة مدتها 11 شهر. اعتدنا على رؤية بعضنا البعض يومياً لثلاثة أشهر قبل إطلاق سراحي. خلال فترة الراحة –ساعة- لاحظت أنه يظل محتفظاً بحديثه لنفسه.“

أشار إلى ظروف السجن الصادمة حيث يقبع 25 سجيناً في زنزانة مساحتها 25 متر مربع، وحمام قذر، لكن بالنسبة لحجازي الحكم الذي تلقاه كان وحشي.

يضيف الجمل الذي قضى عقوبته بسبب مشاركته في التظاهر ضد قانون التظاهر أمام مجلس الشورى في ديسمبر 2013: ”كان لديه مشكلتين بالسجن- إحداهما مع وزارة الداخلية والأخرى مع المجتمع بشكل عام.“

ويستمر في سرد ما كان يواجهه حجازي في السجن قائلاً: ”حينما يريد ضابط السجن ان يؤذيه، كان يخبر بقية رفقاء الزنزانة أنه كان مسلماً وتحول إلى المسيحية. قال أمام المحكمة أنه تحول من الإسلام إلى المسيحية. حياته في خطر حقيقي داخل السجن بسبب ديانته المسيحية.“

حجازي ليس الوحيد الذي سقط تحت طائلة القوانين القاسية ضد التجديف منذ وصول السيسي إلى السلطة. في يناير، حكم على الكاتبة الشهيرة، فاطمة ناعوت، وداعمة السيسي التي ترشحت في النتخابات البرلمانية الأخيرة، بالسجن 3 سنوات بتهم مرتبطة بالتجديف الديني. وأيضاً هناك إسلام البحيري، الداعية الإسلامي ومقدم برنامج تلفزيوني شهير يدعو إلى نسخة دينية أكثر إصلاحية، حكم عليه بالسجن لمدة عام وبدأ في قضاء عقوبته منذ ديسمبر لإدانته بالتجديف والإزدراء.

يرى إسحاق إبراهيم، الباحث في الحريات الدينية بالمبادرية المصرية للحقوق الشخصية، إن تلك القضايا ،ومن بينها حجازي، جزء من مناخ سياسي قمعي حيث تقوم الأجهزة الأمنية بتحريك قضايا التجديف الديني ضد المواطنين.

يقول إبراهيم: ”الانتهاكات ضد الحريات الشخصية بشكل عام في ارتفاع، سواء حول الميول الجنسية، الرقابة على الأقلام ولا يتعلق الامر فقط بالدين. يشير ذلك إلى أن الدولة تريد القول لسنا بالإخوان المسلمين، لكن مازلنا متحفظين أخلاقاياً. لا يوجد عدل في المحاكم لأن تلك القضايا بها انحيازات عاطفية وفقاً للمشاعر الدينية. تستخدم الدولة القاموس الديني، وليس الوطني، لدعم آلية عملها. والأمر جز ء لا يتجزأ من كل المؤسسات.“

في آخر جلسة محاكمة لحجازي رأته محاميته ،نيرة بيومي، لفترة وجيزة خلف القفص الزجاجي الذي يقف ورائه المتهمون قبل المثول امام القاضي. تم تجديد حبسه مرة أخرى لمدة 45 يوم، ولم يسنح للمحامية فرصة الحديث إلى موكلها. آخر مرة استطاعت التحدث إليه كانت في نوفمبر 2015، حينها قلقاً ومنهك نفسياً لكن متفائلاً.

وقالت المحامية إن زوجته وأبناءه خارج مصر بسبب الاضطهاد الديني المنتشر. وأضافت: ”أنا الشخص الوحيد الذي يستطيع رؤيته بشكل دوري.“

يمكن لحجازي أن يقضي عامين من الحبس الاحتياطي كحد أقصى وفقاً للقانون المصري، ولم يبدأ قاض في نظر حالته- وهو ما حدث مع مصور صحفي وطالب ارتدى تيشيرت اعتبرت السلطات ما كتب عليه مثير للجدل.

ويقول الجمل: ”كان من الممكن أن يحتمي بالكنيسة فتدافع عنه أو برجال الأعمال من ذوي النفوذ الذين يعرفهم، لكنه لم يفعل ذلك لأنه شخص صادق لا يريد استغلال تلك التناقضات المجتمعية. لا يريد أن تكون صورته مطبوعة كرمز للحرية الدينية.“

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى