منوعات

هل نتخذ قرارات أفضل حين نفكر بلغة أجنبية؟

كيف تفكر بطريقة أكثر عقلانية؟

غالبا ما يلجأ الموظفون في الشركات متعددة الجنسيات إلى التفكير باستخدام لغتهم الثانية، فهل يمكنهم في هذه الحالة اتخاذ قرارات أكثر عقلانية وهدوءا مما لو فكروا باستخدام لغتهم الأم؟

كشفت دراسة جديدة لأكاديميين في جامعة شيكاغو أنه عندما يتعلم شخص لغة جديدة يكون أكثر عقلانية في لغته المكتسبة إذ يكون أقل عرضة للتحيز المعرفي، لكنه من الممكن أيضا أن يتخذ قرارات أكثر انفعالا عند التفكير بلغة أجنبية.

في تجربتهم، استخدم الأكاديميون معضلة أخلاقية معروفة تسمى بـ”معضلة ترولي”، التي تقول هناك خط للسكك الحديدية مربوط عليه خمسة أشخاص وهم مسلوبو القدرة على الفكاك، وأن قطارًا يمضي إليهم، بينما يوجد شخص ليس إلا مارًّا ولكن بيده أن يستخدم آلة التحويلات ليتخذ القطار المسار البديل مُنقذًا بذلك الأشخاص الخمسة، ولكن هناك مشكلة أخرى وهي أن عاملًا يوجد على الخط البديل.

الأكاديميون قدموا هذه المعضلة لمجموعة مكونة من 800 شخص الألمانية لغتهم الأم، بعضهم فكر في المعضلة باللغة الألمانية والآخر باللغة الإنجليزية، ولوحظ أن أولئك الذين جاوبوا بلغتهم الثانية أجمعوا على التضحية بالرجل، بينما لم يحدث الأمر نفسه مع الذين جاوبوا بلغتهم الأم، وبالنسبة لكلية شيكاغو لم تكن هناك مفاجأة، إذ كانت هناك تجارب عدة بنتائج مماثلة في ما يتعلق بتأثير اللغة على معضلة المسار، مع متحدثين باللغة الإنجليزية والكورية والفرنسية والعبرية والألمانية والإيطالية.

وبحسب الدراسة التي نشرتها صحيفة “فاينانشال تايمز“، فإن الباحثين فرضوا أن الأشخاص يحملون تصورات للناس والأشياء أكثر حدة في لغتهم الأم وهذا يؤثر على عملية صنع القرار، ما يعني أنه عندما نُفكر بلغتنا الأم يمكننا رسم صورة واضحة للرجل (في المعضلة السابقة) ونتردد في دفعه نحو الموت.

ولاختبار هذا، طلبوا من المتحدثين الألمان 800 تقييم صورة حيوية للرجل الكبير والخمسة أشخاص على المسارات، وأولئك الذين يقومون بهذه التجربة باللغة الألمانية أفادوا بوجود صورة أوضح للرجل عن أولئك الذين يقومون بذلك باللغة الإنجليزية.

لكن لماذا يحدث هذا؟ تقول الدراسة إن الصور التي نشكلها في أذهاننا تستند إلى الذكريات التي لدينا من الناس والأشياء، لأن عندنا خبرة أكثر مع الناس في لغتنا الأم، لذلك نجد من السهولة أن نضع تصورات لهم.

ولاختبار هذا، طلبوا من 359 الناطقين باللغة الإنجليزية تخيل سيناريوهات وأشياء مختلفة، غروب الشمس وتصفيق اليدين، والشعور بالرمال، والركض على الدرج، وطعم الملح، ورائحة الطلاء، والتهاب الحلق، نصفهم أجرى التجربة بالإنجليزية والنصف الآخر بالإسبانية (لغتهم الثانية)، وأولئك الذين فعلوا ذلك باللغة الإنجليزية قدموا صورا أكثر حيوية من أولئك الذين أجابوا باللغة الإسبانية.

وبحسب الدراسة، اعتقد فريق شيكاغو بأن الناس لديهم صور أكثر حيوية في لغتهم الأصلية لأنهم كانوا أكثر عرضة للاستفادة من ذكرياتهم مما لو فكروا بلغات أجنبية أخرى، مؤكدين أن استخدام اللغة أجنبية يقلل من الحيوية لأنه يحد من الوصول إلى الذكريات.

ويقر المؤلفون بأن “التفسيرات المحتملة الأخرى ممكنة”، ومع ذلك، قالوا في ورقة سابقة إن “اللغة الأجنبية توفر آلية بعيدة تنقل الناس من نظام بديهي فوري إلى طريقة التفكير المتعمد”، مضيفين: “قد توفر اللغة الأجنبية مسافات أكبر لأنها أقل ترسخا في النظام العاطفي من اللغة الأصلية”، مشيرين إلى أن الأشخاص الذين يعملون بلغة أجنبية أقل عرضة للتحيز المعرفي.

فما أهمية هذه الدراسة؟ هناك أعداد متزايدة ممن يعملون في منظمات وشركات تعمل باللغة الإنجليزية، بعضهم هذه لغتهم الأم بينما الآخر تعتبر هذه لغته الثانية، وعليه يتطلب من أصحاب الأعمال الإصغاء لآراء الذين يتحدثون الإنجليزية كلغة ثانية نظرا لأن قراراتهم أكثر عقلانية ونزاهة من الآخرين.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى