أسبوع على اختفاء خاشقجي.. الغرب قلق وتركيا تعتزم تفتيش القنصلية
أسبوع على اختفاء خاشقجي.. اللغز يزداد تعقيدًا
“لست في المنفى، أرجوكم لا تستخدموا هذا الوصف المؤلم لكل مغترب، إنما هي سفرة عابرة وأعود لوطني، فلا شيء يعدله بين كل بلاد الأرض”… هكذا علّق الصحافي والكاتب السعودي جمال خاشقجي على أنباء طرده من بلده عام 2017، وإقامته في بلاد العم سام ككاتب عمود رئيسي في صحيفة “واشنطن بوست”، التي طالما انتقد عبر صفحاتها المملكة والإدارة الأمريكية.
لم يعرف خاشقجي أن خطواته نحو بوابة القنصلية السعودية في مدينة إسطنبول التركية، صباح الثلاثاء الماضي، ستكون آخر مكان معروف عنه، فلم يسمع صوته ولم يكتب قلمه حرفا منذ ذلك التاريخ، ليصبح مصيره مجهولاً، بعد سنوات طويلة قضاها تحت الأضواء، تارة كصحفي سعودي مرموق ومقرب من الديوان الملكي، وتارة كمنفي باختياره في واشنطن قبل نحو عام.
بدأت قضة الاختفاء الغامضة، بعدما أبلغت خطيبة خاشقجي وسائل الإعلام بأنه لم يخرج من القنصلية السعودية بإسطنبول صباح يوم الثلاثاء الماضي في الثاني من أكتوبر الجاري، والتي دخلها لتوثيق طلاقه من زوجته السعودية، حتى يتسنى له الزواج بأخرى، وفقا للقوانين التركية.
“I need to know, where is Jamal? I have to know what has happened to him.” https://t.co/kEsXET93zj
— Washington Post (@washingtonpost) October 9, 2018
الرد السعودي جاء بعد ساعات بالقول إن خاشقجي زار القنصلية لإنهاء أوراق طلاقه، وخرج بعد فترة قصيرة، نافياً الأنباء التي تحدثت عن احتجازه. لكن المملكة العربية السعودية تواجه اتهامات بين القتل والإخفاء القسري، بينما لا يزال مواطنها خاشقجي مختفيا، كلغز جديد قد يغرق فيه العالم لفترة مقبلة.
واليوم الثلاثاء، قالت وكالة الأناضول التركية للأنباء إن مسؤولين سعوديين وجهوا الدعوة لخبراء ومسؤولين أتراك معنيين بزيارة قنصليتها في اسطنبول في أعقاب اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي قبل أسبوع بعد دخوله القنصلية.
وقالت وزارة الخارجية التركية إن مبنى القنصلية سيخضع للتفتيش في حين حث مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة البلدين على التحقيق في اختفاء خاشقجي.
وقال المتحدث باسم الخارجية حامي أقصوي في بيان مكتوب إن التحقيق جار على قدم وساق وإنه رغم أن معاهدة فيينا تنص على أن مباني القنصليات تتمتع بحصانة، فمن الممكن أن تفتشها سلطات الدول المضيفة بموافقة رئيس البعثة.
وأضاف البيان ”سيخضع مبنى القنصلية للتفتيش في إطار التحقيق“.
ردود فعل دولية:
عبّرت الولايات المتحدة الأمريكية، ودول أوروبية عن قلقها إزاء اختفائه، وأكدت واشنطن أنها تسعى للحصول على معلومات بشأنه، بينما حثّ المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك قادة وزعماء العالم على تعزيز حرية الصحافة، وحماية الصحفيين.
وأبدى مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يوم الثلاثاء قلقه العميق إزاء ما يبدو أنه ”اختفاء السيد خاشقجي قسريا“ وربما مقتله وحث البلدين على التحقيق في الأمر.
وقالت رافينا شمدساني المتحدثة باسم مكتب حقوق الإنسان في إفادة صحفية بجنيف ”ندعو إلى التعاون بين تركيا والسعودية من أجل إجراء تحقيق فوري ومحايد في ملابسات اختفاء السيد خاشقجي ونشر النتائج“.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الثلاثاء إنه يعتزم التحدث مع المسؤولين السعوديين في مرحلة ما عن الصحفي السعودي جمال خاشقجي الذي اختفى قبل نحو أسبوع.
وأضاف ترامب في حديث للصحفيين في البيت الأبيض أنه لا يعرف شيئا في الوقت الراهن عن اختفاء خاشقجي وأنه لم يتحدث معهم بعد بشأن الوضع.
كما دعا وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت السفير السعودي لتوضيح ما حدث للصحفي جمال خاشقجي الذي اختفى منذ أن دخل القنصلية السعودية في اسطنبول الأسبوع الماضي.
وقال هانت على تويتر يوم الثلاثاء ”التقيت بالسفير السعودي سعيا لإجابات عن جمال خاشقجي“.
وأضاف ”العنف ضد الصحفيين في أنحاء العالم يتزايد ويمثل تهديدا كبيرا لحرية التعبير. إذا ثبتت صحة التقارير الإعلامية فسنتعامل مع الواقعة بجدية- الصداقة تعتمد على القيم المشتركة“.
عُرف خاشقجي، الذي ولد في عام 1958، بانتقاداته لبعض سياسات السعودية مؤخرا.
وتولى منصب نائب رئيس تحرير صحيفة “أراب نيوز” في أواخر التسعينات، وبقي في ذلك المنصب مدة أربعة أعوام.
وعمل مستشاراً إعلاميا للأمير تركي الفيصل، واستمر في عمله ذلك لسنوات. وكان تركي الفيصل مديرا للمخابرات السعودية لفترة طويلة (1977-2001) وبعدها تقلد مناصب مهمة في السلك الدبلوماسي حيث تولى منصب سفير المملكة في بريطانيا وبعدها الولايات المتحدة.
وفي عام 2015، عُين مديراً عاماً لقناة “العرب” الإخبارية التي كان مقرها في المنامة بالبحرين، والتي كان يمتلكها الأمير الوليد بن طلال، ولكنها سرعان ما أغلقت.
وعمل خاشقجي أيضاً معلقاً سياسياً، وظهر في عدد من القنوات السعودية والعربية.
وفي ديسمبر/ كانون الأول 2017، أنهت صحيفة “الحياة” اللندنية علاقتها به ومنعت كتاباته التي تنشرها الصحيفة بدعوى “تجاوزات ضد السعودية”.
وبعد أسبوع من اختفاء خاشقجي، تبدو أن هذه القصة مرجحة لأن تتحول إلى أزمة حقيقية بين تركيا والسعودية وبين الولايات المتّحدة وغيرها من الدول الغربية والسعودية، هذا طبعا إن لم يكشف عن مصير الصحفي السعودي المعارض أو في الحال الأسوأ تبين أنّه تمّت تصفيته.