رياضة

نيويورك تايمز: “وحش” الإسكواش المصري تُروضه تعليمات الأم

squashلم تمارس بسمة الشوربجي الإسكواش قط

الأم تجلس بين الجمهور

نيويورك تايمز – ديفيد سيجال

 إعداد وترجمة: محمد الصباغ

في منافسات بطولات الإسكواش للمحترفين، يتلقى اللاعبون النصائح من شخص موثوق خلال فترات الراحة التي تستمر لمدة دقيقتين بين الأشواط. عادة ما يكون هذا الشخص مدربًا أو محترف آخر، شخص نافس في مستويات عالية للعبة من قبل.

لكن هناك استثناء، هو أفضل لاعب في العالم حاليًا المصري محمد الشوربجي، المعروف بوحش الإسكندرية. يستشير بين الأشواط امرأة ترتدي الحجاب وتكسو وجهها علامات القلق العميق.

إنها والدته، بسمة الشوربجي، ولم تمارس لعبة الإسكواش قط.

وصارت الاجتماعات القصيرة بين الأم وابنها بين الأشواط أحد أكثر المشاهد المحببة في اللعبة. تميل السيدة على طفلها المتعرق والجالس على كرسيه ليلتقط الأنفاس. تحييه وتنصحه، وهو يتناول المرطبات ويستمع إليها.

وقال محمد الشوربجي في حوار يوم الأحد: “لست من أسهل الأشخاص الذين يمكن التحدث إليهم بين الأشواط. لكنها تفهمني أكثر من أي شخص آخر في العالم. تعرف كيف تحمسني. تعرق كيف تقول الكلمات الصحيحة في التوقيت المناسب.”

وصل الشوربجي الإبن ووالدته إلى مانهاتن هذا الأسبوع للمشاركة في بطولة “الأبطال”، التي تعد قمة المنافسات في الجولة العالمية، وتقام سنويًا في مربع زجاجي بقاعة فاندربيلت بمحطة جراند سنترال. ربما يكون للبطولات الأخرى رونقًا أكبر، لكن منافسة الأبطال تعد الأعلى قيمة والحدث السنوي الذي يجذب الانتباه، والكثيرون من ركاب المحطة المصابين بالملل إلى الحدث الذي يمكن أن يتابعوه مجانا من أمام الملعب. أعار التذاكر للمقاعد في الجوانب الثلاثة الأخرى تبدأ من 10 دولار وترتفع إلى 450 دولار في المراحل النهائية.

يدافع الشوربجي، الذي فاز بأول مبارياته الخميس، عن لقبه بالبطولة، وفاز في عامي 2015 و2016. لكن في هذا العام، هناك مجموعة كبيرة من المتنافسين بينهم زميله المصري كريم عبد الجواد الذي هزم الشوربجي في منافسات أخرى خلال عام 2016، مثل المباراة التي هزمه فيها بثلاثة أشواط ببطولة قطر.

بالنسبة للاعبين الآخرين في البطولة، هناكبعض التسلية في سلاح الشوربجي الي لا يعتبر سريًا. فاللاعب الإنجليزي والمصنف 15 عالميا، داريل سيربي، يتذكر جلوسه مع مجموعة من اللاعبين خلال إحدى مباريات محمد الشوربجي، جين بدا الإبن خائفًا لحظة وصول الأم.

ويتذكر سيلبي الواقعة: “كان خاسرا خلال مباراة فسارت نحوه مباشرة، ويمكنك رؤية أنها كانت كالرسوم المتحركة.. كنا نوعا ما نضحك بسبب الأمر، لأن شابا في العشرينيات من عمره، وأفضل لاعب في العالم، تقوم والدته بتوبيخه وبدا أنه على وشك البكاء. لكن أيا كان ما قالته، لقد كان مثمرا. لأنه عاد إلى الملعب وفاز.”

تطوعت والدة الشوربجي للقيام بهذا الدور الحيوي في حياته المهنية. كانت معه بملعب الإسكواش بالإسكندرية وكان عمره تسعة أعوام، حينما شاهده البطل المصري، جمال عوض.

وقالت في محادثة هاتفية الأحد: “قال لي، إبنك سيكون أفضل لاعب في العالم. أريد أن أدربه مجانا. أقنعني وكان علي أن أثق به.”

يمكن لبسمة الشوربجي أن تظهر في لقطات من البطولات عبر الكاميرات التي تذاع لقطاتها عبر الإنترنت، وعادة تركز هذه الكاميرات عليها عندما يكون ابنها في وقت صعب بالمباراة. وأبدت بعض من خفة الدم لا يتوقعها من يتابع عصبيتها بالمدرجات. وعند سؤالها عما تقوله لنجلها خلال المباريات، تهربت من الإجابة في البداية وضحكت. وقالت: “هذا سري.”

وبالعودة إلى الجدية، أوضحت أنها كمهندسة مدنية أدركت أن أي مشكلة يمكن أن تحل لو درست بالطريقة الكافية – من بينها كيفية لعب الإسكواش بطريقة جيدة. بالإضافة إلى ذلك، تمتلك قدرًا كبيرًا من المعلومات، واستمعت إلى ساعات لا تحصى من استراتيجيات مدربين بارزين. جونا بارينجتون كان أحدهم، وهو الفائز ببطولة بريطانيا 6 مرات، ويدرببميلفيلد، كلية كبيرة في انجلترا، حيث حصل محمد الشوربجي على منحة دراسية.

بعد سنواته الأولى هناك، قررت والدته وزوجها، الذي يعمل كمهندس، إنه سيخفف على ابنهما تجربة الثقافة الجديدة لو انتقلت إلى انجلترا واستأجروا منزلا بالقرب من ميلفيلد. عاش محمد معها، وأصبح كطالب في مدرسة داخلية. حضرت تدريباته وتعلمت من بارنجتون.

ويقول محمد: “ربما كان والداي يلتقيان شهرين فقط كل عام أثناء تواجدي بالمنحة. لم يكن من السهل بالنسبة لهم  أن يعيشوا هذا النوع من الحياة. لقد ضحوا كثيرًا.”

عندما لعب الشوربجي في مرحلة الناشئين، كانت معظم تعليمات أمه تحتوي على كلمات صارمة عن التركيز. واليوم، ربما تقدم له نصائح تكتيكية- أسرع من وتيرة اللعب، أو ارفع الكرة أكثر، أو استخدم خلفية المضرب في اللعب- لكن يبدو أن الإسهام الأكبر يكون نفسيًا ولأنها ترى صورة أكبر للملعب.

ويتحدث محمد الشوربجي سريعا أثناء ذهابه إلى ملعب المباراة: “إليك مثالا.. كنت ألعب نهائيات بطولة الجونة في أبريل ضد جورجي جولتيير المصنف الثاني عالميا. وجدت نفسي متأخرًا بشوطين للا شئ. جاءت والدتي فقلت لها لا يبدو أنني سأكون قادرا على العودة في المباراة. أشعر بضغط كبير. وقدماي ثقيلتان. لكنها قالت: لا تفكر في المكسب أو الخسارة. فقط كلما أنهيت نقطة فكر في في القتال على النقطة الأخرى. الطريقة التي تلعب بها الآن، ستندم عليها. لا يجب أن تخرج نادما. قاتل. بهذه الطريقة لو خسرت، لن تندم على شئ. بعدها قاتلت على كل نقطة.”

فاز الشوربجي بثلاثة أشواط متتالية وبالمباراة.

وصف المعلق بقناة “سكواش تي في” جوي بارينجتون –ابن جونا، اللاعب محمد الشوربجي بأنه أحد اللاعبين القلائل الذين يمكنهم إرهاب منافسيه بسبب قوته الكبيرة، في حين أن لمسته ماكرة ومرنة في الضربات الساقطة.

قال إنه يعلم أن عبد الجواد صديقه ومنافسه منذ الطفولة، والذي فاز عليه، سيكون العقبة بينه وبين لقبه الثالث في منافسات “الأبطال”. وهناك عقبة محتملة اخرى وهي شقيق مروان الأصغر الذكي والرئيق، مروان، الذي صعد بسرعة الصاروخ خلال العامين الماضيين وأصبح في المركز السادس عالميًا.

كانت بسمة الشوربجي حريصة على الوقوف بجوار مروان أيضًا. لكن هناك مشكلة عندما يواجه نجليها بعضهما البعض في المنافسات، كما حدث خمس أو ست مرات. (فاز محمد في جميعهم). وقالت إنها تكون في صراع كبير حينما يلتقي أطفالها في المباريات.

وقلت: “لا يمكنك تخيل مشاعري في لحظات كهذه. لأن محمد هو المصنف الأول، لا أريد لأي شخص أن يهزمه. لكن في نفس الوقت، أريد لمروان أن يكون رقم 1 أيضًا، وهذا مستحيل.”

لو فاز الشقيقان الشوربجي في مبارياتهما التمهيدية، سيلتقيان في الدور ربع النهائي. يبدو محمد مستعدا لمواجهة شقيقه وأي منافس آخر.

في ديسمبر وبعد خسارته الثانية من عبد الجواد، عاد إلى مقر تدريبه في بريستول. ثم اتصل بوالدته.

وقال: “قلت لها يجب أن تأتي إلى انجلترا الآن. لدينا شهر واحد للتجهيز للجزء الثاني من الموسم. لا أحب ما حدث في النصف الأول. لا يمكنني الثيام بذلك وحدي. يجب أن نقوم به كفريق. وبعد يومين وصلت على متن طائرة.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى