سياسة

قبل “قرار إدانة الاستيطان” وبعده.. كيف تصرّفت مصر وفلسطين وإسرائيل؟

تسلسل زمني: قبل “إدانة الاستيطان” وبعده.. كيف تصرّفت مصر وفلسطين وإسرائيل؟

زحمة

 بعد التصويت لصالح قرار يدين بناء المستوطنات بالضفة الغربية والقدس الشرقية، بدأت إسرائيل سلسلة من الإجراءات الدبلوماسية العاجلة، بدءًا من إعلانها  عدم الانصياع للقرار، حتى سحب سفرائها من دولتي السنغال وفنزويلا وإعادة النظر في العلاقات بين تل أبيب والأمم المتحدة، وعلى الناحية المقابلة،  اعتبرت السلطة الفلسطينية  أن القرار يمثل صفعة للسياسة الإسرائيلية وإدانة بإجماع دولي كامل للاستيطان.

وفي ظل الوضوح التام في موقفي إسرائيل والسلطة الفلسطينية، جاء الموقف المصري محيرًا، فقد قدمت مصر مشروع القرار بعد مناقشته مع الجانب الفلسطيني والمجموعة العربية، ثم أجلت عرضه للتصويت، ثم قررت تأجيله لمراجعته وسحبه تمامًا، وفي النهاية حين عرضته 4 دول أخرى للتصويت قررت مصر تأييد القرار.

ونستعرض في النقاط التالية تسلسلا زمنيا لتعامل الأطراف الثلاثة، مصر وفلسطين وإسرائيل مع الأزمة التي انتهت بتبني القرار في مجلس الأمن.

1- بعد اتفاق المجموعة العربية بالأمم المتحدة، عرضت مصر يوم الأربعاء الماضي وبصفتها عضوا مؤقتا بمجلس الأمن،  مشروع قرار يطالب بوقف فوري وشامل لجميع أنشطة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية. وجاء في مسودة القرار أن بناء إسرائيل للمستوطنات “لا يستند إلى أي أساس قانوني وهو انتهاك صارخ للقانون الدولي.”

2- في الساعات الأولى من يوم الخميس 22 ديسمبر، حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاتصال بالرئيس الأمريكي باراك أوباما من أجل التأكد من استخدامه حق النقض “الفيتو” ضد القرار المصري، لكن أوباما لم يرد على اتصاله ليتجه نتنياهو إلى حسابه على موقع تويتر ويطالب الولايات المتحدة بالتصويت ضد القرار، وهو ما تبعته تغريدة من الرئيس المنتخب دونالد ترامب يطالب إدارة أوباما باعتراض تمرير القرار.

3- مورست ضغوطات على مصر من إسرائيل، وفقًا لصحف عبرية،  وبعد اتصال من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالرئيس المصري، قررت مصر  تأجيل التصويت على القرار،  ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن  مصدر  مقرب من المفاوضات الدائرة في نيويورك أن “قرار مصر بعدم التعجل بطلب التصويت على القرار يعكس رؤية أكثر عمقا وشمولية لكل تلك المعطيات، لا سيما بعد الاتصال الذي قام به الرئيس المنتخب ترامب مع الرئيس المصري مساء الخميس، والذي يبدو أنه استهدف رسم خطة عمل مصرية أمريكية مشتركة تضمن تعامل أكثر شمولية مع كل عناصر ملف القضية الفلسطينية.”

4- بعد تأجيل التصويت من جانب مصر، أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس تعليماته للوفد الفلسطيني في نيويورك بأن التصويت على القرار يجب أن يتم بأي طريقة. وفقا لصحيفة هآرتس،  فهو يعلم أن القرار لو لم يمر قبل يوم 20 يناير مع تولي الرئيس المنتخب ترامب زمام الأمور بالولايات المتحدة، فلن يكون هناك أي فرصة بتمريره بعد ذلك.

5- اجتمعت وفود الدول العربية بالأم المتحدة بشكل عاجل، وفي نفس التوقيت اجتمع سكرتير عام جامعة الدول العربية بالقاهرة مع وزراء خارجية مصر والأردن وفلسطين. وأصرت مصر على تأجيل التصويت لأن الأمر يحتاج إلى مزيد من التنسيق، بينما أصرت بقية الوفود العربية على التصويت على القرار. فاجتمع الوفد الفلسطيني بالأمم المتحدة بممثلي نيوزيلندا والسنغال وفنزويلا وماليزيا، وقال مسؤول فلسطيني لجريدة هآرتس “كان الدعم جارفًا،” ولحسن الحظ وافقت الدول الأربعة على عدم تعديل صياغة القرار. وبالفعل تم عرض القرار ووافقت عليه الدول الأعضاء بمجلس الأمن وعددهم 14 عدا الولايات المتحدة التي امتنعت عن التصويت وعن استخدام حق الفيتو.

egypt

6- و وفقا لهآرتس أيضا، فقد  أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس تعليماته بعدم انتقاد مصر أو رئيسها بسبب سحب القرار وخصوصا بعدما عادت لتأييده  في النهاية،  لكن السلطة الفلسطينية قررت إعادة النظر في علاقتها مع الجامعة العربية في ما يخص القرار الفلسطيني المستقل في المحفل الدولي، حيث كان أي مقترح تقدمه فلسطين أمام الأمم المتحدة يجب أن تراجعه “المظلة العربية” التي تضم دول مصر والأردن والمغرب،  وهنا أدركت  السلطة، وفقًا لمسؤول بمنظمة التحرير، أهمية المظلة الدولية كذلك والحلفاء من  أنحاء العالم، وأهميتهم لاستقلالية القرار الفلسطيني، بعد “المفاجأة السارة” التي قدمتها فنزويلا والسنغال ونيوزلندا وماليزيا بإعادة طرح القرار بعد سحب مصر له. 

7- بعد الإدانة، رفضت إسرائيل القرار ووصفته بـ”المشين” و”المعادي”، وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء نتنياهو عقب تمرير قرار إدانة المستوطنات “في وقت لا يفعل فيه مجلس الأمن شيئا لإيقاف المجازر بحق نصف مليون مواطن في سوريا، ها هو يلاحق إسرائيل بشكل مخز وهي الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط ويقرر أن حائط المبكى يعتبر “منطقة محتلة”. وهاجم إدارة أوباما ووصفها بأنها تعاونت خلف الكواليس مع الملاحقين لإسرائيل في الأمم المتحدة.”

8- في فلسطين كان الرد متوقعًا، فقال نبيل أبوردينة المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني إن “قرار مجلس الأمن صفعة كبيرة للسياسة الإسرائيلية وإدانة بإجماع دولي كامل للاستيطان ودعم قوي لحل الدولتين”. أما في القاهرة قالت رئاسة الجمهورية إن مصر إن رغبتها في تأجيل التصويت على مشروع القرار جاءت بسبب اتفاق  السيسي وترامب في محادثتهما التليفونية على “أهمية إتاحة الفرصة للإدارة الأمريكية الجديدة للتعامل بشكل متكامل مع كل أبعاد القضية الفلسطينية بهدف تحقيق تسوية شاملة ونهائية لهذه القضية”.

9- في المساء نفسه، عشية الإدانة،  قررت إسرائيل سحب سفرائها في دولتي السنغال ونيوزيلندا للتشاور، وألغت زيارة مقررة لوزير خارجية السنغال إلى إسرائيل، وألغت زيارات سفيري الدولتين المعتمدين لدى إسرائيل “السنغال ونيوزلندا”  ولا يقيمان بها، وذلك ردا على تقديمهما مشروع القرار. وتواصلت الخطوات التصعيدية، فأعلن رئيس الوزراء نتنياهو أنه “أصدر بالفعل توجيهات بوقف تمويل بنحو 30 مليون شيقل (7.8 ملايين دولار) لخمس مؤسسات تابعة للأمم المتحدة.. خمس هيئات  وصفها بأن لها عداء على نحو خاص تجاه إسرائيل.” وأضاف: “أولئك الذين سيعملون معنا سيربحون لأن إسرائيل تستطيع أن تقدم الكثير إلى دول العالم ولكن أولئك الذين سيعملون ضدنا سيخسرون لأنه سيكون هناك ثمن سياسي واقتصادي لممارساتهم ضد إسرائيل”.

10- وفي صباح اليوم الأحد، قرر وزير الدفاع الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان قطع كل الاتصالات بالسلطة الفلسطينية، عدا التنسيق الأمني فقط. كما ذكرت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية أن وزارة الخارجية استدعت صباح اليوم، لاجتماع توضيحي، ممثلي جميع الدول التي صوتت لصالح القرار وتربطها علاقات دبلوماسية مع اسرائيل، ومن بينهم السفير المصري حازم خيرت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى