ترجماتسياسة

روبرت فيسك: تركيا دخلت سوريا.. شبح لورانس العرب

روبرت فيسك: تركيا الآن في سوريا.. لكن دمشق لن تعترض

الإندبندنت- روبرت فيسك

ترجمة: محمد الصباغ

كم سيحب الغرب اعتقاد أن الجيش التركي في سوريا -بدباباته العشر- يوجه الضربات نحو عدو الجميع: الدولة الإسلامية التي تعبد سفك الدماء. لكن قليلين في سوريا وتركيا سيُخدعون. تنظيم داعش مستقر في مدينة جرابلس منذ أشهر. إنه التقدم الذي حققته وحدات حماية الشعب الكردية، المسلحة أمريكيا، على الحدود التركية نحو جرابلس هو ما أقلق السلطان إردوغان.

ومرة أخرى مع تقدم القوات التركية، جُمِعت وحدات حماية الشعب في سلة واحدة بجانب داعش -وهي الوحدات الكردية التي ترى تركيا أنها مرتبطة بحزب العمال الكردستاني الأكثر خطورة. بصيغة أخرى، يعتبر إردوغان كلا من داعش المعارضة للأسد والقوات الكردية المعارضة لداعش، أعداء لتركيا (كما فعل بعد التفجير الانتحاري بحفل الزفاف بغازي عنتاب منذ أيام)، وجمع “الحيوانات الأليفة” التي يكرهها سويا. فقط هاجس عبد الله جولن الذي يلقى عليه بمسؤولية محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو، هو من تم حذفه من أهداف المعركة الأخيرة في سوريا.

الحليف الأخير لإردوغان، القيصر بوتين، لن يعترض أبدا. من جانب، الضربات التركية موجهة ضد كل من داعش والميليشيات الكردية الموالية لأمريكا والتي عزلتها تركيا عن قصد. سيعرف السوريون -وسيُخبرون بالتأكيد- أن بوتين يدعم التوغل التركي المحدود. لن يكونوا في مزاج اعتراضي حيث جيشهم الحكومي كان يقاتل هذه الوحدات الكردية في الحسكة حتى إعلان الهدنة منذ يومين. هنا أيضا، كانت وحدات حماية الشعب تحاول الاستيلاء على أراض تحت السيادة السورية.

لكن ببساطة، بدأت وحدات حماية الشعب بلعب دور أكبر من حجمها. فهي تستغل الحرب ضد داعش لتكسب أراضي صغيرة داخل سوريا وعلى طول الحدود التركية، والتهام ما تستطيع من سوريا قبل نهاية الحرب. لا تريد تركيا دولة كردية صغيرة في أراضيها مثلما لا يريد السوريون خسارة أراضيهم لصالح الأكراد. من المفترض أن الجيش السوري الحر المعارض للأسد يتواجد بين القوات التركية القليلة المتجهة إلى جرابلس، لكن من المرجح أن دمشق لا توليه اهتماما كبيرا: القوات السورية منذ وقت طويل توقفت عن اعتبار الجيش السوري الحر قوة خطيرة، ولن تقلق لو رغب رجاله في الشهادة خلال العملية التركية الجارية.

كلها أخبار سيئة لداعش، بالطبع. ومن المثير للسخرية، أن جرابلس نفسها التي تقصفها تركيا، كانت المكان الذي قضى فيه لورانس العرب الأشهر الأيام الأسعد في حياته قبل الحرب العالمية الأولى.

لكن هناك أيضا نظرته العنصرية بعمق للعرب. “عُقم الصحاري”، كانت لتجعله يكتب  عن أي شخص عاش هناك أنه “اختطفت منه  الرحمة  وانتزع منه العطف الإنساني .”

لورانس كتب عن العرب أنهم “يسعدون في الألم” وعن  الصحراء أنها لها روح جبل جليدي، تحافظ على هيئتها بلا أي تحسين عبر الزمن  في رؤية وحدة الإله.” ربما اقترب لورانس من عقول داعش أكثر مما نتخيل. والآن يمكن للأتراك أن يكتشفوا هذا بأنفسهم في أنقاض جربلس الجديدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى