ثقافة و فنمنوعات

صور باكستان المنسية

بالصور: كانت باكستان يوما ما مركزا لصناعة السينما وللهيبيز

سكرول إن – نديم باراتشا – ترجمة: محمد الصباغ

عبر سنوات، أرسل الكثير من القراء من داخل وخارج باكستان يشكون من أنهم يفشلون كلما حاولوا البحث عن صور لباكستان على الإنترنت لا علاقة لها بنظام الملالي أو الانفجارات الانتحارية والجثث المشوهة.

بحثت في مكتبات الجرائد ومجموعات الصور الشخصية التي يمتلكها أباء أو أقارب الأصدقاء والمعارف، وذلك لعدة سنوات في محاولة لتأريخ التحولات التاريخية والثقافية والإجتماعية في باكستان قبل سنوات، قبل أن تتحول الثقافة الباكستانية والتطور الإجتماعي إلى ديكتاتورية إسلامية.

هناك ذكريات قليلة باقية من باكستان في تلك الصور التى تبدو وكأنها كوكب غريب مقارنة بما تحولت إليه باكستان منذ منتصف الثمانينيات. أعرض عليكم بعضا من الصور الممتعة التى استطعت جمعها خلال العامين الماضيين لهذا الكوكب الذي يسمى باكستان.

جيفارا في كراتشي

 

نعم، هذه الأسطورة الثورية الماركسية، تشي إرنستو جيفارا، يقف جنباً إلى جنب مع أول ديكتاتور عسكري باكستاني، إيوب خان. بقي جيفارا لفترة قليلة في كراتشي خلال جولته للعالم الثالث والدول العربية عام 1959. ثم زار المدينة مرة أخرى عام 1965 عندما التقطت له تلك الصورة، ويعتقد أنه تم تصويرها داخل جناح كبار الشخصيات بمطار كراتشي.

من الممتع أن ترى جيفارا بجوار أيوب خان الذي دعمت الولايات المتحدة انقلابه العسكري ومارس قمعاً كبيراً تجاه القوى اليسارية في باكستان. المفارقة أن الإنتفاضة الممتدة لليساريين في باكستان في نهاية الستينيات التى ساعدت في الإطاحة بأيوب خان كان معظم قادتها من الطلاب اليساريين، الذين يعتبرون جيفارا بطلاً وقدوة لهم.

تشكيل حزب الشعب الباكستاني عام 1967

من المدهش أننا نستطيع رؤية وثائق لما يمكن أن يعتبر الأحداث السياسية الأبرز في التاريخ الباكستاني، أي تشكيل حزب الشعب الباكستاني خلال مؤتمر بمدينة لاهور عام 1967.

كان المؤتمر مكاناً لميلاد حزب ديمقراطي شعبي وخلال الأربع عقود التالية لتأسيسه كان محبوباً بشدة ومكروهاً أيضاً بين الباكستانيين بنسب متساوية.

ضم المؤتمر الذي رأسه ذو الفقار علي بوتو، بعض قادة البلاد والمثقفين اليساريين، والصحفيين، وقادة الطلاب الراديكاليين. يظهر بوتو في تلك الصورة مع بعض الرجال الذين سيحولون حزب الشعب إلى قاعدة للتقدمية التي لم تستوعب فقط الماركسيين، والماويين، والاشتراكيين الإسلاميين، والليبراليين على حد سواء، بل استمرت لتكتسح الانتخابات العامة عام 1970 (في باكستان الغربية السابقة).

وما يميز الصورة أكثر هو طريقة جلوس ”جلال الدين رحيم“ على قدمي بوتو. ويعتبر رحيم من المفكرين الماركسيين وأفكاره تقود حزب الشعب الديمقراطي.

وفي عام 1975، حدث خلاف بين بوتو ورحيم وطرد الأخير بطريقة مذلة من الحزب. وعلى الجانب الآخر شنق الديكتاتور ضياء الحق ذو الفقار بوتو في عام 1979 بعد محاكمة صورية. ويمكن اعتبار ذلك نهاية لأحد أكثر العصور شعبوية، وديناميكية، وأيضا تناقضا في السياسة الباكستانية.

السينما

بلغت صناعة الأفلام والسينما في باكستان ذروتها إبداعيا وماديا في أواخر الستينيات، واستمر ذلك إلى عام 1979. قبل أن تبدأ بعد ذلك في التراجع بحلول الثمانينيات و تهبط إلى القاع في التسعينيات.

كان هناك العديد من الأسباب التي سرعت من سقوط تلك الصناعة والإغلاق المتتالي لدور السينما. السببان الرئيسيان هما السياسات الرجعية للرقابة الوحشية بواسطة ديكتاتورية ضياء الحق في الثمانينيات، وأيضاً اختراع أجهزة الفيديو.

ومع عملية الأسلمة التي قام بها ضياء الحق ووضع سياسات أخلاقية والتضييق على المناطق العامة، بدأ الناس في الاتجاه إلى الترفيه في الأماكن الخاصة. فقامت محلات الفيديو غير القانونية، بتأجير الأفلام الهندية والجنسية ( وسمح لها بالعمل بشكل علني بعد رشوة الشرطة)  وانتشر الأمر وبدأت دور السينما في الإختفاء.

على سبيل المثال، في إقليم السند فقط، كان هناك حوالي 600 دار عرض بين 1969 و1980، وبقيت مئات قليلة بحلول عام 1985.

تلك الصورة أخذت في عام 1969 بكراتشي لسينما نيشات الشهيرة. وكانت من أوائل دور السينما التي تقدم القاعات المكيفة في باكستان. و تظهر الصورة زحام رواد السينما التي امتلأت بالفعل، منتظرين دورهم في مشاهدة العرض الاول للفيلم الذي ينفض غبار الحرب “Qasam uss waqt ki”.

واستمرت دار العرض تلك حتى بعد غزو شرائط الفيديو وعصر ضياء الحق. لكن في الحقيقة أنها استمرت لأنها ظلت تعرض الأفلام الهندية وأفلام هوليوود.

 قبل السقوط

الصفحة الرئيسية لجريدة “داون” أو “الفجر” التي ظهرت قبل أيام من استسلام القوات الباكستانية بخنوع للجيش الهندي في باكستان الشرقية سابقاً وذلك عام 1971.

من السهل التركيز على المفارقة في تلك الصفحة التي نشرت تقارير كارثية حول جهود الحرب الباكستانية، والشعور الوشيك بالهزيمة. وفي نفس الصفحة، هناك إعلان لشركة تجارية كبرى تظهر شعار الجيش الباكستاني، والقوات الجوية، والبحرية، وتؤكد ”إن شاء الله النصر لنا”.

بعد فوات الأوان، يمكن للشخص أن يدرك أن الإنكار ليس سمة جديدة اكتسبها الباكستانيون عقب 11 سبتمبر، وبالنسبة لمعظم الباكستانيين فإن الاستسلام في عام 1979 كان مفاجأة مذهلة. وظلت القوات المسلحة وإعلام الدولة يزعمان أن القوات الباكستانية على وشك انتصار تاريخي حتى بعد السقوط الكبير.

طالبان من ؟

تلك الصورة هي لـ”هيبيز” حقيقيين يستمتعون بتدخين الحشيش على سطح أحد الفنادق الرخيصة في بيشاور عام 1972.

كانت باكستان وجهة هامة جداً للهيبز، وانتشرت الفنادق رخيصة الأسعار في بيشاور ولاهور وكراتشي لاستيعاب تلك السياحة المنتشرة والمزدهرة. وبدأ الأمر في الإختفاء عقب الانقلاب العسكري عام 1977، والثورة الإسلامية بإيران عام 1979 وأيضاً مع بداية الحرب الأهلية في أفغانستان عام 1979.

تطور التيكيلا

تلك الصورة هي أحد النوادر المتاحة للملهى الليلي “ميد رينج” المشهور بكراتشي منذ أواخر الستينيات و حتى السبعينيات. كانت الموسيقى تعزف لك وأنت تتناول طعامك الرائع وتشرب الخمر وترقص في هذا المكان. وفي الصورة تظهر فرقة موسيقية للمكان تعزف في الملهى عام 1972.

ويقول طوني طفيل مالك سابق للمكان: ”كراتشي كانت ستكون كدبي لو لم يحدث الحظر” يقصد قرار إغلاق الملاهي الليلية بحلو إبريل عام 1977.

السائرون على القمر بكراتشي عام 1973

كم عدد من يعرف أو يتذكر أن كل طاقم رحلة المركبة أبوللو 17 التابعة لناسا قد زاروا باكستان؟ في يوليو 1973، وصل رواد الفضاء الأمريكيين إلى كراتشي.

تناولت الصحف والتليفزيون الزيارة بشكل واسع. و تظهر الصورة الموكب لحظة وصوله إلى منطقة “سدار” التي تزينت بأعلام باكستان وأمريكا وحزب الشعب الديمقراطي ولافتات مبهجة الألوان.

و بعض رواد الفضاء تحركوا بعربة مكشوفة وضعت عليها لافتة باللغة الاوردية تقول: ”مرحبا برواد فضاء رحلة أبوللو 17″.

ويسكي Vat-69

لا يوحد شىء غير طبيعي في بوستر الفيلم الأوردي الذي يعود إلى عام 1975 عندما كانت صناعة السينما في أوج مجدها. لكن افحص زجاجة الويسكي ” Vat-69“ على البوستر.

هذا النوع من الويسكي ظهر في المئات من الأفلام الباكستانية بين أعوام الخمسينيات و السبعينيات. لكن لماذا هذا النوع تحديداً؟

يقول المخرج الباكستاني مشتاق جازدار إنه ليس متاكداً لكنه لاحظ ذلك. ولأسباب غير معلومة تم استخدام هذا النوع من الويسكي بواسطة معظم المخرجين الباكستانيين عندما يريدون إظهار أحد شخصيات الفيلم في هيئة ”الشخص الطيب“ الغارق في أحزانه المسرف في الشرب،  بينما استخدم المخرجون أنواعا أخرى مع ”الأشخاص السيئين“.

العقول تتحدث

الصورة الرائعة من برنامج تعليمي في التليفزيون الباكستاني عام 1975. برامج المحادثات الثقافية كانت مشهورة في تليفزيون باكستان في السبعينيات. وتلك الصورة تظهر الكاتبين المسرحيين الشهيرين، أشفق أحمد وبانو قدسيا ( في منتصف اليمين) ،أثناء حديثهما عن المسرحيات الإشتراكية.

العظمة الملعونة

في تلك الصورة المأخوذة في عام 1976 يظهر فيها العالم الباكستاني الفائز بجائزة نوبل، عبد السلام (على اليمين) مع أحد زملائه في كلية صيفية تقام  تقام في منتجع ناتياجالي.

يعتبر عبد السلام من أهم العقول التي أنجبتها باكستان، وهو عضو في الطائفة الأحمدية، وكان يتعاون في المشروعات البحثية والتنمية المتنوعة التي بدأتها الحكومة منذ الخمسينيات حتى عام 1974.

ثم استقال وغادر باكستان اعتراضاً على إعلان الطريقة الأحمدية خارج الدين الإسلامي في دستور عام 1973.

غزو الهيبيز

هذه الصورة لغلاف ألبوم موسيقي لفيلم ”ميس هيبي“ 1974. ويتناول الفيلم تأثير حياة الهيبيز وطريقة ملابسهم على شباب باكستان. كانت بطلة الفيلم هي نجمة السبعينيات ”شابنام“، ونسى الفيلم أن أكثر من نصف ما يستهلكه ”الهيبيز الغزاة“ من الحشيش كان بالفعل يتم إنتاجه وتهريبه من داخل وخارج باكستان.

بير بكارا

تظهر الصورة  شاه ميرداش المعروف ب”بير بكارا” يتحدث للصحافة فى نادى كراتشى للصحافة عام 1977. كان بكارا يقود الحركة اليمينية ضد نظام ذو الفقار على بوتو. ويظهر في الصورة محاطاً ببعض أعضاء جماعات مثل (جماعة الإسلام – جماعة علماء الإسلام – جماعة علماء باكستان).

وقد وقع اضطراب سياسي بين القادة الدينيين للحركة عندما رفضت جماعة الإسلام وجماعة علماء الإسلام  الصلاة خلف زعيم جماعة علماء باكستان نوراني شاه.

الملك كان هنا

بوستر نادر من جولة المغنى الملقب بالغزال الهندى وملكته، “جاجيت وشيترا سينج” خلال جولتهما بمدينة لاهوربباكستان. قام الثنائي بسلسلة حفلات ناجحة، وأكثرها نجاحاً في حديقة شاليمار التاريخية بالمدينة.

ليس باسمنا

كانت المنظمات النسائية فى طليعة العديد من الحركات التى قامت ضد الديكتاتورية الوحشية لضياء الحق. تلك الصورة من عام 1980 من مظاهرة عنيفة قامت بها طالبات جامعيات فى مدينة لاهور، ضد حزب ضياء الحق الذى ممارس التعذيب ضد النساء.

المجرم  1981

تلك الصورة سيئة السمعة لليساري الباكستاني الراديكاليي، سلام الله تيبو، يظهر على كابينة القيادة لطائرة الخطوط الجوية الباكستانية التى اختطفها مع ثلاثة من زملائه.

كان بوتو زعيماً للطلاب اليساريين في كراتشي، وانضم إلى منظمة ”مرتضى بوتو الفقار“  لإثارة حرب العصابات في المدن ضد نظام ضياء الحق الديكتاتوري (من عام 1977-1988).

تم اختطاف الطائرة من كراتشي. وطارت إلى كابول ثم دمشق. وأطلق تيبو ورفقاؤه المسلحين سراح الركاب عقب موافقة ضياء الحق على إطلاق سراح 50 من السجناء السياسيين من السجن.

و في عام 1984، أعدام تيبو الماركسي الثوري من قبل المؤيديين للنظام السوفييتي في كابول بعد خلاف له مع مرتضي بوتو، بينما انتقل المختطفون الآخرين إلى ليبيا حيث يقال أنهم استقروا هناك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى