سياسةمجتمع

سي إن إن: ختان مصريات بلا تخدير..”لأن البنج بـ100 جنيه”

سي إن إن: ختان مصريات بلا تخدير..”لأن البنج بـ100 جنيه”

cut
كانت مليكة في الحادية عشرة من عمرها حين أجروا لها عملية الختان

سي إن إن- صوفي مورلين يرون
ترجمة: فاطمة لطفي

عندما بلغت مليكة، القادمة من قرية مهملة خارج القاهرة، سن الحادية عشرة، أخذتها أمها إلى الطبيب في وقت متأخر من الليل. لم تدرك ما يجري حتى شاهدت الدماء وسمعت صراخ غيرها من الفتيات، كانت مليكة على وشك الخضوع لعملية تشوية لأعضائها التناسلية الأنثوية، وهي عملية الختان.

ولأنها بالفعل عملية مكلفة، لم تتحمل عائلتها مبلغ الـ100 جنيه الإضافي للتخدير (النبج)، لذا خضعت مليكة للعملية دون تخدير.

قصة مرعبة من اليأس والألم، لكن تجربة مليكة أبعد من أن تكون استثنائية في بلادها، حيث تخضع الغالبية العظمى من النساء للختان.

خضع أكثر من 200 مليون فتاة وامرأة على قيد الحياة اليوم، لشكل من أشكال تشويه أعضائهن التناسلية الأنثوية، والمسمى أيضًا بـ”ختان الإناث”، مع 15 مليونا من الفتيات الصغيرات يتوقع خضوعهن للعملية في العقد القادم، وذلك حسب اليونيسيف (منظمة الأمم المتحدة للطفولة).

ومع دول كمصر، التي تضيق الخناق على الممارسة القديمة للختان والتي غالبًا ما تتم بطريقة غير قانونية على يد قابلة محلية متدربة بطريقة غير طبية “الداية”، إلا أن الآباء يجدون سبلا للالتفاف على القانون وختان بناتهم.

خضع 87% من النساء المصريات من سن 15 إلى 46 للختان، مع أكثر من نصف (61%) خضعن لها ما بين سن الخامسة والعاشرة.

tyuiiop

الختان سرًا

كانت مريم، 13 عامًا، حزينة جدًا بعد العملية ولم تستطع التحدث إلى أمها لشهر كامل:” كنت أبكي معظم الوقت”.

في مصر، شعرت الدايات باليأس بعد تجريم الختان، والذي يحمل الآن تهديدا بالحبس لأعوام في السجن. وبدلًا من الدايات، يجري الأطباء المصريون العمليات بشكل متزايد، في الصباح الباكر أو الليل متأخرًا، مكلفين الآباء مبالغ ضخمة للعملية.

تقول جيرمين حداد، ممثلة صندوق الأمم المتحدة للسكان في مصر: “أصبح الختان “طبيًا” بصورة متزايدة، والذي يعد تغيرًا في الاتجاهات في ختان الإناث في مصر”.

وحسب استطلاع رأي أجرته وزارة الصحة المصرية عام 2015، نحو 82% من عمليات الختان التي أجريت للنساء الأكبر من سن 19 كانت على يد أطباء أو عاملين في المجال الطبي.

مما يمثل قفزة عن الأوقات الأقدم، التي أجرى فيها عاملون ماهرون بمجال الصحة أقل من 40% من عمليات الختان.

uyi

تعمل حداد مع أطباء ضد عملية الختان، ضمن حملة من وزارة الصحة وصندوق الأمم المتحدة للسكان تهدف إلى دمج الوعي بعملية الختان في مناهج كليات الطب في البلاد، حيث يجب تدريسها على أنها “ممارسة مؤذية”.

لا توجد طريقة آمنة للختان

ترفض أمل، التي تحلم أن تكون محامية يومًا ما، أن تخضع لعملية الختان، تقول لباحثي منظمة بلان:” أود لو أشارك وأجلب جميع أصدقائي لتشجيع مجتمعي على مناهضة الختان، ولرفع الوعي والقضاء عليه من العالم بأسره”.

بينما يعتقد الآباء أن اللجوء لطبيب هو وضع أكثر أمانًا من الداية، إلا أن المناهضين للختان يحذرون من هذا الاتجاه. تقول حداد: “هذه ليست ممارسة طبية، ولا يجب على أحد القيام بها”. كما أن ممارسة الختان على يد طبيب، تضفي عليها نوعا من الشرعية”.

وأضافت حداد: “عندما تكون فقيرًا، ولست متعلمًا جيدًا، يكون الطبيب المتعلم شخصا تتطلع إلى مشورته، لذا إذا كان يجري عملية الختان، فإنه بالفعل يضفي عليها شرعية في المجتمع، مما يجعل التنديد بالفعل أمرًا صعبًا”.

لكن لا يوجد أي طريقة “آمنة” لإجراء عملية خطرة يمكن أن تتسبب في جروح خطيرة للمريضة، يقول آيان صادق، طبيب ومدير برنامج صعيد مصر في منظمة “بلان” الدولية، والذي يعمل على مناهضة الختان في مصر: “بعض الأطباء لا يعرفون ماذا “سيقطعون” بالتحديد. هذا ليست عملية طبية، ولا تعلم كليات الطب تلاميذها إجراء الختان”.

الأطباء يتعلمون من الدايات

سلوى، 37 عامًا، لم تخضع أي من بناتها لعملية الختان:” لدي تجربة مروعة مع الختان عندما كنت في التاسعة. أصبت، ونزفت وتألمت كثيرًا”. أقنعت سلوى زوجها بعدم ختان بناتهم وذلك بعد حضورها عدد من الصفوف التوعوية.

ويضيف أن بعض الأطباء يتعلمون الختان مباشرة من الدايات، اللاتي لا يملكن أي خبرة طبية رسمية.

لكن هذا ليس فقط في مصر، تمر بلاد أخرى مثل كينيا ونيجيريا بتحولات مشابهة في تغير الاتجاهات من القابلات إلى الأطباء، وذلك حسب مجموعة مكافحة الختان “28 Too Many” التي على وشك إطلاق حملة حول مسألة تحويل الختان لممارسة “طبية”.

الختان منتشر بين المسلمين والمسيحيين في مصر، وأكثر انتشارًا في 28 دولة في إفريقيا وبعض البلدان في آسيا والشرق الأوسط في يومنا هذا، ويذكرنا بالعصور الفرعونية.

وعبر إفريقيا، يقدر أن أكثر من 90 مليون فتاة وامرأة فوق سن العاشرة خضعن للختان، وذلك حسب صندوق الأمم المتحدة للسكان.

وتقول منظمة الصحة العالمية إن الختان يشكل انتهاكًا لحقوق الفتيات والنساء الأساسية، ويمكن أن يتسبب في نزيف حاد وغيرها من المشاكل الصحية، منها الخراجات والالتهابات والعقم وحدوث مضاعفات أثناء الولادة.

ويقول صادق إن المضاعفات الفورية الأكثر شيوعًا، هي النزيف الحاد والالتهابات.

” هذه مضاعفات شائعة جدًا في مصر، وبعض الفتيات يمُتن. قد تتضمن العملية اقتطاع الكثير من “النهايات العصبية” والمضاعفات الناتجة عن ذلك لا يمكن التنبؤ بها”.

Across the country, work shops and awareness sessions run by the government and organizations like Plan International and UNDPA teach men and women about the issues with FGM.
من فصل للتوعية ضد الختان

عنف بناءً على النوع الجنسي (الاجتماعي)

إذن لماذا القضاء على الختان صعب جدًا؟ يقول صادق إن التقاليد والأعراف الاجتماعية الراسخة تسهم في بقاء الختان واستمراره.

“يخضع الآباء بناتهم للختان بسبب الضغط المجتمعي الذي تمارسه عليه العائلات الأخرى. تعرف الأم أنها عملية ضارة ومؤذية، لأنها خضعت لها من قبل. لكن مع ذلك لا تزال تشعر أن عدم ختان ابنتها سيجلب العار على العائلة”.

وأخيرً، وحسبما يقول صادق، يتعلق الأمر بعدم المساواة بين الجنسيين والتحكم في الحياة الجنسية للمرأة “هذا عنف قائم على أساس النوع الاجتماعي للفتيات. يعتقدون أنهم إذا اقتطعوا أجزاءً من جسدها، هذا يعني أنها لن تطلب الجنس”.

يقول صادق إنه لا يبدو أن هناك انخفاضًا في معدل الختان في مصر، مع ذلك تشير الأرقام الأخيرة الصادرة عن للمركز القومي للمرأة إلى أن انتشار الختان بين فتيات المدارس قد يكون انخفض إلى نسبة 54% في جميع أنحاء البلاد.

دور الصبيان والرجال 

تدير منظمات كـ”بلان” مسارح محلية، والتي هي طريقة تفاعلية لرفع الوعي، كما أنهم يدمجون رجال في الحوار.

يقول صادق: “إشراك الرجال والصبيان في الحوار أمر بالغ الأهمية”. حيث ببطء ستتغير المواقف. وينهي صادق حديثه قائلًا: “لكننا لا نزال نواجه مقاومة”.

شارك في التقرير وفاء عايش وبولا إريزانو.

تم تغيير أسماء بعض الفتيات، اللاتي سردن قصصهن لباحثي منظمة بلان الدولية، وذلك بغرض حماية هوياتهن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى