مجتمع

ربيكا لو: رحلتي بالدراجة في مصر والشرق الأوسط

هل هو آمن لامرأة قيادة دراجة في الشرق الأوسط؟

Rebecca Lowe with her bicycle in Iran

بي بي سي

ترجمة وإعداد: فاطمة لطفي

عندما غادرت المذيعة البريطانية “ربيكا لو” المملكة المتحدة بمفردها متجهة إلى إيران على دراجتها، اعتقدت صديقتها أنها جنّت. وعلى الرغم من أنه كان عليها تحمّل التحرش، الحر الشديد والشرطة الباطشة، فإن الأشخاص الذين التقتهم كانوا بعيدين جدًا عن الأنماط السائدة، كما تروي ربيكا في السطور التالية:

اليوم الذي غادرتُ فيه لندن لبدء رحلة بالدراجة لمدة عام إلى طهران، كنت غير مستعدة إطلاقا، لم أكن لائقة بدنيًا، لم يكن لدي أي حس بالاتجاهات، وكان قد مضى ست سنوات على آخر مرة صعدت فيها تلاً. لكنني كنت متحمسة جدًا للقيام بذلك. كانت أهدافي بسيطة، من بينها تسليط الضوء على أماكن لطالما أساء الغرب فهمها.

وفي المقام الأول، أردت إظهار أن الجزء الأهم في الشرق الأوسط أبعد من الجزء “العنيف والمتعصب” الذي يعتقد فيه الناس في أوروبا، وأنه يمكن لامرأة قيادة دراجتها هناك بأمان، لم يؤمن جميع من حولي بقدرتي على القيام بذلك، أخبرتني صديقة “نعتقد أنك ستموتين على الأرجح”، وأشياء مثل “سنضع احتمالات نجاحك بين 60% مقابل 40%”، بينما كان الآخرون أقل تفاؤلًا.

مع ذلك، بقيت واثقة مبدئيًا، ربما كانت المنطقة متداعية سياسيًا، لكن الأشخاص الذي عرفتهم خلال هذه التجربة كانوا لطفاء وودودين. كانت معدلات الجريمة منخفضة ومعاقل الإرهابيين معزولة ويمكن تجنبها، لذا شعرت أن فرصتي في البقاء على قيد الحياة لا بأس بها.

وفي أثناء قيادتك للدراجة، أنت لا تراقب العالم فحسب، لكن تجد نفسك مستغرقا بداخله. يراك الناس شخصًا معتوهًا لا يشكل تهديدًا عليهم، ويرحبون بك في حياتهم.

بدأت رحلتي في يوليو 2015، وعلى مدى أربعة أشهر تالية تحركت بمسافات بطيئة عبر أوروبا. لكن مغادرتها، كان أمرًا مقلقًا. كنت خارج مساحتي الآمنة، في مساحة غير معروفة نسبيًا. أمامي تركيا ولبنان والأردن ومصر والسودان وعمان والإمارات العربية المتحدة وإيران. محملة بتحذيرات مسبقة من الرجال، والإرهابيين، والزحام المروي. بدأت رحلتي الآسيوية بالحذر.

Map of Rebecca's route

مع ذلك، شعرت بالراحة سريعًا. توقف سائق سيارة نقل لإعطائي برتقالة، بينما أعطاني صاحب مقهى غطاء الأذنين الخاص به. وعرض عليّ العشرات الطعام والماء وتوصيلات وغرف للإقامة وأصناف لا متناهية من الكباب.

وفي كل مكان في الشرق الأوسط، كان الأمر مشابهًا. كانت الأبواب دائمًا مفتوحة للترحيب بالغرباء، وتقديم المساعدة، وربما تحصل أيضًا على رعاية نفسية. تنوع المضيفون على نحو واسع من فقراء إلى أغنياء، كما اختلف الأشخاص والمجتمعات، لكن جمعت بينهم سمات بعينها: اللطف والفضول والتسامح.

ربيكا مع سيدة مصرية، عائشة أدهم


وفي مصر، كان للشرطة أداء “خانق”، رافقتني لمسافة 800 كيلومتر على طول نهر النيل، وكانوا يستجوبون بعدوانية كل شخص ألتقيه.

وخلال رحلتي في مصر، عوقب سائق توك توك شهواني، بعد أن قرصني من مؤخرتي. ضربته الشرطة ضربًا عنيفًا وأصابته بجروح، لم يغلب على الرعب- الذي شعرت به جراء وحشيتهم في التعامل معه- إلا سعادتي بعقابه.

وفي الأردن، عرض سائق نقل إقامة علاقة جنسية معي، طلب مني مرارًا منحه قبلات وملامسة ثديي، لحسن الحظ توقف تبجحه بشكل مفاجئ بعد رؤيته مطواتي تقترب إلى ما بين ساقيه. مواقف مشابهة أغضبتني جدًا. وكانت في كثير من الأحيان مخيفة ومثيرة للقلق. لكنني أدركت سريعًا مع ذلك، أن هؤلاء الرجال ليسوا وحوشًا. لكن جهلة وغير متعلمين، ناهيك بكونهم محبطين بشدة جنسيًا ضمن ثقافة ترى الحميمية الجسدية أمرا مخجلا وموصوما بالعار.

بينما في إيران، حظيت بحرية أكبر، مع أنه ليس مسموحا للأجانب بالبقاء مع السكان المحليين دون تصريح، وتكبد العديد من المضيفين استجوابات مكثفة من الشرطة. وهؤلاء من عرفوا مهنتي رفضوا التواصل معي إطلاقًا بسبب خوفهم من أي نتائج سيئة.

Rebecca Lowe with her bicycle in Iran

في كل مكان ذهبت إليه، حدّ الأمن والقمع باستمرار من حريتي. الأمور الأكثر قلقًا كانت سياسية. عبر المنطقة، القمع كان صريحًا. وكان واضحًا أنه ليس مرحبا بالصحفيين الأجانب.

الشرق الأوسط مكان خطر، لكن المخاطر سياسية في المقام الأول. خلف الصراعات والإرهاب الذي تبرزه وسائل الإعلام يوميًا توجد حقيقة أوسع: إنه توجد مجتمعات ودودة ورحيمة تعيش بشكل طبيعي حياتها اليومية. إذن.. هل هو آمن لأي امرأة قيادة دراجة وحدها عبر الشرق الأوسط؟ مع أخذ الاحتياطات وتوخي الحذر؟ نعم.

هل سأسمح لابنتي بفعل ذلك؟ بالتأكيد لا. ليس لوقت طويل جدًا. هل أنت مجنون؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى