مجتمع

بيان سالم عبدالجليل: أعتذر عن جرح المشاعر.. “الأوقاف” تهدّد و”المحور” تنهي التعاقد

سالم عبدالجليل: الحكم الشرعي بفساد عقيدة غير المسلم لا يعني استحلال دمائهم

FotorCreated
الشيخ سالم عبدالجليل ووزير الأوقاف محمد مختار جمعة

قال الشيخ سالم عبدالجليل وكيل وزارة الأوقاف السابق ومستشار المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، إن “ما صدر منه في إحدى حلقات برنامجه المذاع على قناة “المحور” كان في سياق تفسير آية قرآنية في سورة “آل عمران”، ولكن حيث إن البعض اعتبر فيه جرحًا لمشاعر الإخوة المسيحيين فأنا أعتذر عن جرح المشاعر”. بينما أعلنت قناة “المحور” التي أذاعت الحلقة إنهاء التعاقد مع عبدالجليل، وكان وزير الأوقاف قد أدلى بتصريح مساء أمس لبرنامج “كل يوم” الذي يقدمه الإعلامي عمرو أديب، هدد فيه بوقف عبدالجليل من اعتلاء المنابر، وقال الوزير “ما لم يكن هناك توضيح من عبدالجليل فستصدر تعليمات بمنعه من اعتلاء جميع المنابر”.

وقال الشيخ سالم عبدالجليل في بيان منشور عبر صفحته الرسمية على “فيسبوك” صباح اليوم الخميس: “أكرّر تأكيدي على ما أكدته في نفس الحلقة وهو أن الحكم الشرعي بفساد عقيدة غير المسلم في تصوّرنا كما أن عقيدتنا فاسدة في تصورهم لا يعني استحلال الدم أو العرض أو المال بأي حال من الأحوال، وأكدت على هذا منذ أسابيع حين عزيت على الهواء قسيسًا كان ضيفًا على القناة يوم التفجيرات الإرهابية”.

وأثارت حلقة برنامح “المسلمون يتساءلون” الذي يقدمه الشيخ سالم عبدالجليل، حالة من الغضب والاستهجان، بعدما قال خلال الحلقة إن لعل “المقصود بالآية القرآنية من كفروا بعد إيمانهم يكون اليهود ولعلهم بعض النصارى لأنهم آمنوا بموسى وآمنوا بعيسى وكفروا بمحمد”، وأضاف أن “لما هييجي يوم القيامة اللي كانوا مؤمنين بالمسيحية إيمان صحيح قبل النبي محمد صلى الله عليه وسلم ولما بُعث النبي كفروا، هيتقال لهم إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرًا لما ذكّروا بالرسول محمد كانوا بيزدادوا كفرًا، لن تقبل توبتهم، وعند الحشرجة ينتظرون عيسى الله ليخلصهم فإذا بهم يدركون، مش هيلاقوا سيدنا عيسى مش هيلاقوا غير ملائكة العذاب وملائكة الموت، ساعتها هيبقى عايز يرجع، هيقولوا له خلاص ماعدش ينفع، لن تقبل توبتهم فهؤلاء هم الضالون”.

ومساء أمس الأربعاء قال وزير الأوقاف محمد مختار جمعة إن “ما لم يكن هناك توضيح وتصريح ستصدر الآن تعليمات لجميع مديريات الأوقاف بمنع الشيخ سالم عبدالجليل من اعتلاء أي منبر”.

وأكد وزير الأوقاف خلال مداخلة مع برنامج “كل يوم” على قناة “ON” أن “الشيخ سالم عبدالجليل مستقيل من وزارة الأوقاف ولا علاقة له بالأوقاف من قريب أو بعيد”، وأضاف “أطالب وسائل الإعلام أن لا تستضيف كل من لا ينضبط في الفتوى، كما أطالب البرلمان بسرعة إصدار قانون يجرم الفتوى العامة عبر وسائل الإعلام إلا للمصرّح لهم”.

في السياق أيضًا، أصدرت قناة “المحور” بيانًا مساء أمس أعلنت فيه إنهاء تعاقدها مع الشيخ سالم عبدالجليل، وقالت القناة إن “ما جاء على لسان سالم عبدالجليل من تراشق مع عقيدة الإخوة المسيحيين غير مُعبر عن رسالة القناة بأي حال من الأحوال، وهي التي تتبنى منذ انطلاقها عام 2002 من الرأي والرأي الآخر دون مساس أو تجريح”.

وأضاف البيان: “بناء عليه فقد قررت إدارة قناة المحور برئاسة الدكتور حسن راتب إنهاء التعاقد مع الشيخ سالم عبدالجليل من تاريخه مع الحفاظ على برنامج (المسلمون يتساءلون) احتراماً لمشاهديه، وباعتباره من أقدم برامج القناة وعلامة مضيئة على درب الإسلام السمح ورسالته المتوازنة الحاضنة لجميع الرسالات السماوية”.

وعلق عبدالجليل في بيانه على إنهاء تعاقده مع “المحور” قائلًا إن “مسألة إنهاء التعاقد ترجع لرؤية صاحب القناة، وشكرًا لهم على استضافتي على مدى عام وبضعة أشهر”.

نص بيان الشيخ سالم عبدالجليل:

=====

بيان هام
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:

أولا:
===
ما صدر مني في إحدى حلقات برنامجي اليومي المذاع على قناة المحور الفضائية كان في سياق تفسيرنا لسورة آل عمران (ضمن تفسير للقرآن بدأ منذ أكثر من سنة) وتحديدا لقول الله تعالى في سورة آل عمران:
{وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلْإِسْلَٰمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَٰسِرِينَ (٨٥)}.
وحيث إنّ البعض اعتبر فيه جرحا لمشاعر الإخوة المسيحيين فأنا عن جرح المشاعر أعتذر.

وأكرّر تأكيدي على ما أكّدتُه في نفس الحلقة المشار إليها:
الحكم الشرعي بفساد عقيدة غير المسلمين (في تصورنا) كما أن عقيدتنا فاسدة في (تصورهم).. لا يعني استحلال الدم أو العرض أو المال [بأي حال من الأحوال] وقلت هذا على الهواء وأكّدته بالفعل منذ أسابيع حين عزّيت على الهواء قسيسا كان ضيفا على القناة يوم التفجيرات الإرهابية الآثمة.

[كما أنّ كلمة كفر الواردة في القرآن الكريم تعني المغايرة والتغطية وليس مقصودا بها من قريب أو من بعيد المعنى المتداوَل في مصر حديثا من كون كافر وصفا مهينا لاحتقار الشخص السيئ الخلق والفاجر في الظلم فهذا المعنى لهذه الكلمة ليس في اللغة العربية ولم يكن حتى على زمن نزول الوحي.

وكيف يكون في القرآن إهانة لغير المسلمين وهو يجرّم علينا سبّ أصنام المشركين، فكيف بالعقل والمنطق سيستخدم كلمة فيها إهانة وسبّا لإنسان فضلا عن أنه من أهل الكتاب:

“وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ”.

إن للإنسان [في ديننا] حريته في اعتناق ما يشاء.. ولا يجوز إكراه أحد على تغيير معتقده.. والحساب على الله تعالى [بدليل أنّ الإسلام يأمرنا بحماية كنائس المسيحيين ومعابد اليهود رغم أنه يقال فيها عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كلام هو عكس ما نعتقده تماما من كونه الصادق الأمين، وهذا أكبر دليل أنّ دين الله لا يبيح الظلم ولا القتل لهم أو لغيرهم، بل لقد أوصى النبي بأهل مصر خيرا فاحترامهم آكد وإكرامهم أوجب].

أما في دنيا الناس فنتعامل بالإخاء الإنساني والمحبة والبر.. ونتعايش بما تعنيه الكلمة من معنى.. حتى إن الشريعة الغراء تبيح لنا أن نأكل من ذبائح أهل الكتاب ونتزوج من نسائهم [إذا توافق الأهل].

[إنّ] مسألة التعايش بيننا وبين أبناء الوطن من إخواننا المسيحيين.. بل بيننا وبين أبناء الجنس البشري في كل بقعة من بقاع الأرض ليست محل بحث أو نقاش.. فهي محسومة بنص القرآن الكريم في سورة الحجرات:

{يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَٰكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَٰكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوٓا۟ ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ ٱللَّهِ أَتْقَىٰكُمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (١٣)}.

والعلاقة بين بني البشر تقوم على احترام الآخر والحفاظ له على دينه ونفسه وعقله وعرضه وماله، وهذه مقاصد جميع الشرائع السماوية، ومعاملة غير المسلمين بالبر والقسط والمعروف هي منهجنا كما قال تعالى في سورة الممتحنة:

{لَّا يَنْهَاكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمْ يُقَٰتِلُوكُمْ فِى ٱلدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوٓا۟ إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ} (٨)

والشركاء في الوطن لا يجوز التمييز بينهم على أساس العقيدة أو غيره، بل هم جميعًا مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات.. وهذا ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة مع اليهود، وأعتبرهم مع المؤمنين أمة واحدة.

ثانيا:
===
شكرًا للدكتور حسن راتب على استضافته لي على قناة “المحور” على مدى عام وبضعة أشهر، وشكرًا لجميع العاملين في القناة.. أكنّ لهم كل تقدير.. حيث لم أر منهم إلا كل تقدير واحترام.
ومسألة إنهاء التعاقد ترجع لرؤية صاحب القناة.. وأنا أعذره في قراره.. وأدعو الله له بالتوفيق.

وأخيرا:
=====
أشكر كل من تواصل معي وعلى الأخص من الإخوة المسيحيين.
وأخيرًا.. فلست منزعجا من فسخ التعاقد من جانب قناة المحور وألتمس لهم العذر.. وكل شيء بقدر الله وحده.
{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا}.
الشيخ الدكتور سالم عبدالجليل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى