سياسة

القصة وراء السيدتين في الصورة الشهيرة لتفجيرات بروكسل

قصة السيدتين في الصورة الشهيرة لتفجيرات بروكسل

 

على اليمين تشافيكاروعلى اليمين ستيفاني تتحدث في الهاتف
على اليمين تشافيكاروعلى اليمين ستيفاني تتحدث في الهاتف

 

نيويورك تايمز- بيتر كولبرت

ترجمة فاطمة لطفي

 

 

هي صورة انتشرت عبر العالم لسيدتين غارقتين في الدماء والتراب، تجلسان على كرسي ذاهلتين عن كل شئ عقب دقائق فقط من التفجيرات الدموية التي زلزت أرجاء المطار في بروكسل يوم الثلاثاء الماضي. واحدة من السيدتين في الصورة،  والأخرى التي التقطتها، تحدثتا عن التجربة المروعة التي خاضها كلتاهما.

كيتيفان كاردافا، صحفية تعمل لصالح إذاعة جورجيا الحكومية، قالت لصحيفة ” دي ستاندرد” البلجيكية، أنها كانت تنتظر الإنتهاء من إجراءات رحلتها إلى جنيف عند وقوع الإنفجار الأول. وبعدها بدقيقة، وقع إنفجار أكثر عنفًا حيث شاهدت حينها الدخان والتراب، وشذرات الزجاج والأبواب تتطاير حولها. وأناس ملقون على الأرض، معظمهم دونصاروا بلا أقدام. حينها قررت الإحتماء في كشك صور صغير، وجذبت معها امرأة أكبر سنًا. وبعدها بدقيقة، عندما ظنت أن الإنفجار قد انتهى، أخرجت هاتفها الخلوي وبدأت في إلتقاط الصور لكل شئ. تشرح كاردافا” احتجت أن أنشر هذا، شعرت أن من واجبي استغلال كل ثانية لي في المطار لالتقاط الصور لأجعل العالم يرى الوجه الحقيقي للإرهاب”.

أول شئ رأته الصحفية كان هاتين السيدتين الجالستين على المقعد، إحداهما كانت ترتدي سترة صفراء ممزقة، تغطي  الدماء وجهها وفردة حذائها مفقودة. ” تقول كيتيفان لمجلة “تايم”  كانت المرأة مصدومة وغير قادرة على الكلام”، وتكمل :” لم يكن هناك أي بكاء، أو عويل، كانت تنظر حولها فقط بخوف شديد”. عرُف فيما بعد أن هذة المرأة هي  “نيدهاي شافيكار” موظفة في مكتب للخطوط الجوية، حيث كانت في المستشفى وخضعت لعملية جراحية وفقًا لـمجلة ” التايم” في الهند. ظلت عائلتها ملتصقة بشاشة التليفزيون حال علمهم بتضررها من الإنفجار. لكن لم يستيطعوا الوصول إليها بعد. قال زوجها للصحيفة ” روبيش شافيكار” على مدى يوم كامل لم نستطع الوصول إلى أي معلومات بشأنها، كل ما أخبرونا به أنها بأمان،  لكن كيف يمكنني التأكد أنهم لا يمنحوننا آمال زائفة”؟ أريد فقط أن أسمع صوتها مرة أخرى، فقط كان المدير الأساسي للشركة يخبرنا بمعلومات عنها، لكننا لم نستطع الوصول إلى أي معلومات بشأنها عبر أرقام المساعدة”.

المرأة الجالسة بجانب “تشافيكار” في الصورة، نراها تتحدث في هاتفها الخلوي بيد غارقة في الدماء بينما تمسك باليد الأخرى رقبتها، عُرف أنها “ستيفاني هويلارت”،امرأة بلجيكية كانت في طريقها إلى “هايتي” في انتداب مع “أطباء بلا حدود”. تقول  لإذاعة بلجيكا العامة راديو2 :” لم أتصور أبدًا أن أكون قصة على الصفحات الأولى في الجرائد بهذة الطريقة “، حيث شرحت أنها كانت تقف بجوار مقهى “ستاربكس” في صالة المغادرة أثناء وقوع الإنفجار الأول. تقول “هويلارت”: ” في البداية لم أدرك أن عبوة ناسفة قد انفجرت، رأيت الناس يركضون هربًا، لكن لم أستطع أن أفعل مثلهم، كنت خائفة أن يأتي الإرهابيون ويصوبون بنادقهم نحو الجميع، لذا اختبئت تحت المقاعد. شعرت بالأمان أكثر من الركض وسط الجموع، غطيت أذني ورأسي وحينها وقع الإنفجار الثاني”.

تكمل هيلارت لراديو 2 :” عندما رأيت الجنود، عرفت أن كل شئ قد انتهى.، كانت أمي قد أوصلتني للمطار وأردتها أن تتأكد أنني بخير، تحسست رأسي وكنت مندهشة أن يدي كلها غارقة في الدماء وتسائلت من أين أنزف بغزارة هكذا؟ لهذا أظهرت الصورة أنني أمسك برقبتي بهذا الشكل، كنت أساعد في وقف النزيف،  بعد ما انتهيت من تلك المكالمة، قمت بمساعدة الناس من حولي, المرأة التي كانت بجانبي “ تشافيكار“، كانت جريحة للغاية، لذا تأكدت أنها تتخذ وضعية مريحة وضغطت على قدمها لأوقف النزيف. كان هناك دمار هائل حولي، لذا قمت بفعل المثل لأناس آخرين. كان الجرحى في حالة سيئة، حيث وجوههم وأطرافهم متضررة للغاية إثر شظايا العبوة الناسفة”.  كانت هيلارت شجاعة، و قالت أثناء المقابلة أنها تأمل أن تعود لعملها في أقرب وقت ممكن. ” ربما الآن أنا بحاجة لبعض الوقت لترك كل هذا خلفي، وأن أقوم باللازم لوضع الأمر في مكانه، لكنني بالفعل تحدث مع “أطباء بلا حدود” للعودة للعمل في هايتي”.

 

من جانب آخر، لم تتوقف المصورة الصحفية ” كاردافا” عن العمل، حيث تستكمل عملها في بث الأنباء عن تفجيرات بروكسل للتليفزيون البلجيكي، قالت ل صحيفة “دي ستاندرد” : ” البارحة، كنت مشغولة للغاية حتى عن التفكير في نفسي، كنت أتحدث طيلة الوقت، لكن عند عودتي للمنزل في المساء، بدأت الذكريات عن الحدث تعود إلي تدريجيًا وكنت مصدومة للغاية وفي الصباح، نظرت في المرأة، ولم أستطع التعرف على نفسي، لا أستطيع شرح الأمر، رأيت في المرآة شخص آخر مختلف عني، شخص مر بحدث جلل. وأدركت فجأة أنني كنت قريبة للغاية من اللحظة التي لن أرى فيها ابنتي ذات 15 عامًا مرة أخرى, والتي تعيش في “تبليسي“، وأدركت أنني لازلت على قيد الحياة، و بالكاد أستطيع تصديق هذا، تحدثت إليها عبر الهاتف وأنا أبكي بشدة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى