اقتصاد

الاقتصادي أيمن إسماعيل عن تخفيض الجنيه: استعدوا للأيام المؤلمة

الاقتصادي أيمن إسماعيل عن التخفيض المنتظر لقيمة الجنيه: استعدوا للأيام المؤلمة

زحمة
ترجمة: محمد الصباغ – فاطمة لطفي 

كتب الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية، أيمن إسماعيل، أمس الملاحظات التالية على “تخفيض قيمة الجنيه” والآثار المترتبة على هذه الإجراءات، ونشرها باللغة الإنجليزية على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.

ayman

قريبًا، سيتم تخفيض قيمة الجنية المصري. كيف سيحدث ذلك؟ وما هي الآثار المترتبة؟

من كل التقارير والأخبار التي أقرأها، والمحادثات التي أجريها، يبدو أن القرار النهائي قد اتخذ بشأن تخفيض الجنيه المصري والعودة إلى نظام “التعويم المدار”.

أولًا، هذا ما يبدو أنه خطة الحكومة:

1- اكتشاف السعر العادل الحقيقي للصرف: عبر الأشهر الماضية، لم تحاول الحكومة حماية الجنيه المصري من خلال ضخ المزيد من العملة الأجنبية “الدولار الأمريكي” في السوق، وهو ما حاولته في السابق وفشلت. غالبًا بسبب أن الحكومة لا تملك الكثير من الدولارت لضخها. والنتيجة أن سعر الصرف الحالي هو أكثر بكثير من سعر التعويم الحر ( الذي هو حاليًا ما بين 13 إلى 13.25).

2- الحصول على المزيد من الدولار الأمريكي: تفاوضت الحكومة بصورة مهووسة  للحصول على مزيد من الدولارات الأمريكية بقدر استطاعتها. ويبدو أنها أخيرًا استطاعت الحصول على 6.8 مليارات دولار من عدد من البلاد، وبنوك التنمية، بالإضافة إلى صندوق النقد الدولي. هذا سيساعد في تهدئة الأسواق، مع أنه من الحكمة عدم استخدام الدولارات القليلة لحماية الجنية مرة أخرى.

3- رفع أسعار الفائدة: الزيادة المؤقتة لكن الباهظة في أسعار الفائدة ستحدث جنبًا إلى جنب تخفيض العملة. وستمنح الحافز لكل من المصريين والأجانب للإبقاء على الجنيهات التي لديهم بدلا من  الدولارات الأمريكية . وأيضًا في الحد من التضخّم.

4-تخفيض قيمة العملة المفاجئ والحاد (كلما كان حادًا كان أفضل)، بالرغم من أنه ليس واضحًا بعد كيف سيكون السعر بالضبط. إلا أن التوقعات تشير إلى أنه سيكون ما بين 11.50 –  13 جنيهًا مقابل الدولار الأمريكي.

5- إعادة فتح وإنهاء تجريم أسواق الصرف الخاصة تدريجيًا. وإزالة تدريجية للقيود المفروضة على بطاقات الائتمان وغيرها.

6- اقتراض من 3 إلى 5 مليارات من الأسواق الدولية عبر إصدار المزيد من السندات السيادية. واختيرت بالفعل أربعة بنوك دولية لإصدار هذه السندات. الهدف النهائي هو زيادة الاحتياطات إلى 25 مليار دولار في أقرب وقت ممكن.

7- التأكد من تهيئة شبكة الأمان الاجتماعي، على الأقل توفير المواد الغذائية الأساسية والضروريّات للفئات الأكثر عرضة لهذه الإجراءات،  لتجنب الاضطرابات الاجتماعية الكبرى.

8- توقيع اتفاقية صندوق النقد الدولي، والذي سيوفر 12 مليار دولار على مدى الثلاث سنوات القادمة.

9- الاستمرار في خطة خصخصة العديد من الشركات المملوكة للدولة، ويشمل ذلك على الأقل بنكا واحدا. إصلاح الفوضى في مشروع شبكة الـ(4G) للاتصالات ومحاولة الحصول على ما نستطيع من رسوم التراخيص.

10- زيادة جمع الضرائب، وخصوصا الضرائب العقارية وضريبة القيمة المضافة الجديدة.

11- الاستمرار أيضا في خفض الدعم، وخصوصا على البنزين، المسؤول عن جزء كبير من عجز الموازنة.

إذن ما الآثار المترتبة على ذلك؟

1- سترتفع الأسعار على الفور. ومن المرجح  أن يزداد التضخم بنسبة كبيرة، على الأقل خلال الربع القادم من العام.

2- ستشهد أسعار الصرف ارتفاعا على المدى القصير، لكن من المحتمل أن تعود لتقارب المعدلات الحالية، وربما أقل.

3- توقعوا موجة من الجمود الاقتصادي، مع خوف الجميع من البيع أو الشراء، على الأقل حتى يتراجع هذا الاضطراب أو البلبلة.

4- تصحيح الأسعار في بعض أسواق العقارات (على الرغم من أن هذه النقطة قابلة للنقاش وقد تتجه في أي من الطرق.)

بعيدا عن تلك الآثار السلبية، الأمل في أن خفض سعر العملة والتعويم قد يأتي ببعض النتائج الإيجابية التي ستجعل تحمل كل هذا الألم ذا قيمة:

5- زيادة التنافسية لصادراتنا، ويشمل ذلك الصادرات الصناعية والزراعية، والسياحة والعمالة (نعم، هذه صادراتنا الأساسية!). ويسمح للصناعات المحلية بالحصول على احتياجاتها من المواد الخام والمعدات.

6- إعادة معدلات التحويلات المالية السابقة (التي اتجهت حاليا إلى السوق السوداء.)

7- إعطاء إشارة لكل الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي كانت تنتظر حتى تبدأ في التدفق مرة أخرى، والتي تعتبر أكثر العوامل الأساسية لإعادة معدل النمو.

8- وبالتالي، إعادة التوازن في أسواق النقد الأجنبي.

إذن هل هذه خطة جيدة؟

الواقع هو أن الربع القادم سيكون مؤلما، وخصوصا للطبقة الوسطى (أو ما تبقى منها) وأيضا على أصحاب الأعمال الصغيرة. سيمر الأفراد بتراجع ملحوظ في مستوى المعيشة، مع خيارات غير سارة لأولويات الإنفاق. أما أصحاب الأعمال الصغيرة والمتوسطة فسيواجهون تأخيرات في الأرباح ومشاكل في تدفق الأموال.

قد أشرت إلى ذلك، ليس لدينا بالفعل الكثير من الخيارات، السياسات الحالية كارثية وليست مستدامة، وبكل بساطة لا نتسطيع الاستمرار بهذه الطريقة.

من الأساس لم نكن في الواقع بحاجة إلى الوصول إلى هذه الوضع!

كان علينا خفض قيمة الجنيه ببطء وباستمرار خلال السنوات الثلاث الماضية. محافظو البنك المركزي الحالي والسابقون مسؤولون بشكل مباشر عن هذا الوضع البائس. اليوم، نحن ندفع ثمن السياسة السيئة (والتي أقول إنها قمة الغباء). مع ذلك، يبقى الاقتصاد المصري مرنا ويمكن إصلاحه وتعديله بسهولة. على المدى المتوسط والطويل، سنستعيد عافيتنا فقط لو وضعنا إطار لسياسة ملائمة وثابتة.

أما بخصوص الشهر القادم أو أكثر قليلا، فجهزوا أنفسكم لاضطراب كبير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى