سياسة

أسوشتدبرس: كيف أصبحت ليبيا ملاذًا للمتشدّدين؟

بعد هجومَي مانشستر والمنيا.. كيف أصبحت ليبيا مأوى للمتشددين؟ 

سيرت. ليبيا. أكتوبر 2011

أسوشيتد برس
ترجمة: فاطمة لطفي 

تسلّط الصلة بين ليبيا في هجوم مانشستر في بريطانيا الذي وقع في 22 مايو الجاري، وهجوم المنيا الذي وقع الجمعة الماضية على أقباط في مصر، الضوء على التهديد الذي باتت تشكّله الجماعات الإسلامية المسلحة التي استغلت الفوضى الموجودة في الدولة الواقعة في شمال أفريقيا (ليبيا) لغرس جذورها وتجنيد مقاتلين وتصدير جهاديين للتسبّب في أعمال قتل ومذابح في أماكن أخرى.

تورّطت ليبيا في العنف منذ ثورة 2011 التي أطاحت وقتلت معمر القذافي، ولدى ليبيا الرحبة والغنية بالنفط الآن إدارات حكومية وجيش يقوده جنرال من عهد القذافي، بالإضافة إلى ميليشيات إسلامية تتنافس لأجل الأراضي والموارد والنفوذ السياسي.

وفي ذروة نفوذه في ليبيا، سيطر تنظيم الدولة الإسلامية على 160 كيلومترا تمتد من الساحل الليبي، وتفاخر بامتلاكه ما بين 2000 إلى 5000 مقاتل، الكثير منهم من مصر وتونس، وهي نفسها ليبيا التي وجدها منفذ هجوم مانشستر الليبي بريطاني المولد، سلمان عبيدي، 22 عامًا، عندما عاد هو وعائلته من بريطانيا بعد خلع القذافي.

خلّف هجوم الإثنين في مانشستر 22 قتيلًا، بينهم طفلة تبلغ ثمانية أعوام، وتبناه تنظيم الدولة، وقالت السلطات الليبية إنها احتجزت هاشم، شقيق عبيدي في طرابلس، وإنه اعترف أنه وسلمان كانا عضوين في التنظيم.

وفي مصر، أرسل الرئيس عبدالفتاح السيسي طائراته المقاتلة لتفجير مواقع لمسلحين في شرق ليبيا بعد ساعات فقط من إطلاق مسلحين ينتمون إلى داعش النار على حافلتين وسيارة ربع نقل وقتلوا 29 قبطيًا، قال الجيش إن منفذي الهجوم تدرّبوا في ليبيا.

ولطالما شكت مصر أيضًا من أن الأسلحة المهرّبة عبر الحدود الصحراوية مع ليبيا وصلت إلى مسلحين يعملون على أراضيها، كما قالت أيضًا إن المسلحين الذين فجّروا ثلاث كنائس منذ ديسمبر الماضي تلقوا تدريبات عسكرية في معسكرات لتنظيم داعش في ليبيا. 

كيف نشأ القتال في ليبيا؟ 

استجاب مئات الشباب الليبيين إلى نداء الجهاد في ثمانينيات القرن الماضي، وسافروا إلى أفغانستان للقتال ضد الروس، وعندما عادوا إلى بلادهم بعد الحرب أراد الكثير منهم تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية داخل أوطانهم. أسّسوا خلايا تحت الأرض للهروب من عيون النظام الساهرة وحاولوا دون أن ينجحوا اغتيال القذافي.

وبعد سقوط القذافي، أسّس الجهاديون المخضرمون والمتعاطفون مع تنظيم القاعدة وإسلاميون من كل الطوائف ميليشيات شغلت فراغ السلطة بعد القذافي، وتعود مشاكل ليبيا الحالية إلى فشل أول حكومة انتقالية في تفكيك تلك الميليشيات ودمجها داخل الجيش الوطني.

أين هذه الميليشيات الآن؟

درنة 

يذكر أن المدينة الشرقية، حيث مواقع المتشددين التي استهدفها الطيران الحربي المصري الجمعة، كانت معقلًا للجماعات الإسلامية المتطرفة وعلماء إسلاميين يحظون بعظيم الاحترام. جعل المتطرفون المدينة حصنهم في ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين، وكانت المصدر الرئيسي للجهاديين الليبيين الذين يحاربون في العراق، كما من المعروف أن كتائب كاملة من سكان درنة تقاتل في الحرب الأهلية في سوريا.

خلال ثورة 2011 في ليبيا، أسس المقيمون في درنة كتيبة “شهداء أبوسليم” لقتال الموالين للقذافي، وثبت أنها واحدة من أكثر الجماعات المتمردة فاعلية، وسرعان ما تزايدت صفوفها واستولى مقاتلوها على المدينة، وأسسوا مجلس شورى مجاهدي درنة ليحل محل الحكومة المحلية.

كان للفرع الليبي التابع لتنظيم الدولة الإسلامية حضورٌ قوي في درنة، لكن في نهاية المطاف تنازع فصيل داعش مع مجلس شورى مجاهدي درنة وأجبروا على مغادرة المدينة. انتقل مقاتلو تنظيم الدولة إلى المدينة الساحلية سرت، وظلت درنة حتى اليوم تحت سيطرة مجلس شورى مجاهدي درنة.

بنغازي

هي ثاني أكبر مدينة في ليبيا، كانت الأولى التي سقطت تحت نفوذ الميليشيات الإسلامية المتطرفة. أسست الكثير من هذه الميليشيات لقتال نظام القذافي في عام 2011، ولعلّ أكثر ميليشيات بنغازي شهرة هم أنصار الشريعة الذي يلقى عليهم اللوم في قتل مئات الجنود الليبيين السابقين ومقتل السفير الأمريكي عام 2012.

ولأكثر من عامين، يتزعم ما يسمى بالجيش الوطني الليبي، الجنرال خليفة حفتر، الذي حارب تحالفا لميليشيات بنغازي، وتمكنت قواته من تأمين معظم أجزاء المدينة، باستثناء منطقة في حي ساحلي، محصنة وتحيط بها حقول الألغام.

سرت

في سرت دارت المعركة الأخيرة للقذافي والموالين له في  2011. تدمرت المدينة تمامًا في القتال، وعاقب الموالون للقذافي، سكان المدينة بإعدامات خارج نطاق القضاء وهجمات انتقامية. وفي عام 2013، وقَعَت سرت تحت سيطرة أنصار الشريعة التي أنشأت تحالفات مع القبائل المحلية وهدنة غير مستقرة مع ميليشيات أخرى وعدد قليل من قوات الجيش المتبقية. اخترق داعش المدينة ببطء مع انتقال مقاتلين من دول مثل مالي، تونس، مصر وسوريا ومن ثم أعلنت سرت كإمارة لداعش.

في العام الماضي، شنت ميليشيات من مصراتة وغيرها من المدن في غرب ليبيا، بدعم من الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس حملة دموية وممتدة لطرد مسلحي تنظيم الدولة من سرت. هُزم التنظيم في النهاية في سرت وفرّ المقاتلون الذين نجوا إلى الصحراء في اتجاه الجنوب.

صبراتة

اكتسبت صبراتة سمعة بكونها معقلا صغيرا لكن شديد التماسك لمتطرفين إسلاميين، مما جعل الأمر سهلًا على مسلحي داعش أن يجدوا موطئ قدم هناك وليؤسسوا أعمالا مربحة من الاتجار بالبشر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى