سياسة

واشنطن بوست: هجمات بلجيكا لن تساعد ترامب

واشنطن بوست: هجمات بلجيكا لن تساعد ترامب

واشنطن بوست – جريج سارجنت – إعداد وترجمة: محمد الصباغ

أثارت المشاهد المروعة في بلجيكا، التي أسفرت عن مقتل أكثر من 26 شخصاً في هجمات إرهابية، نقاشاً حول ما إذا كان هذا الأمر سيساعد دونالد ترامب في النجاح في الانتخابات الرئاسية. ولو أصبح ترامب هو المرشح الجمهوري، ربما تزداد تلك المخاوف. لكنني أعتقد أنه ببساطة لا سبب لافتراض حدوث ذلك. في الحقيقة، قد يثبت العكس صحته.

وفي الصباح عبر (NBC News)، ألمح ترامب  إلى اعتقاده بأن الهجمات الإرهابية ستساعده سياسياً. وقال: ”هذا أمر قريب جداً ومحبب إلى قلبي، لأنني تحدثت عنه أكثر من أي شخص آخر. وربما هذا هو سبب كوني الأول في الاستطلاعات. لحقيقة قولي أننا يجب أن نمتلك حدودا غاية في القوة. يجب أن نكون حذرين وحريصين بشأن من نسمح لهم بدخوا بلادنا.“

وعند سؤاله عما قد يفعله كرئيس تجاه التهديدات الإرهابية، قال ترامب: ”سأكون حاسماً جداً جدا بشأن الحدود، ولن أسمح لأشخاص معينين بدخول البلاد دون وثائق مثالية تماما.“ وأضاف أنه يجب السماح للسلطات ”بفعل ما عليهم القيام به,“ من بين ذلك الإيهام بالغرق –طريقة تعذيب، مع المقبوض عليهم من المتهمين في تنفيذ هجمات باريس.

وقال: ”أقول للشعب الأمريكي أننا سنكون أقوياء جدا، سنكون حذرين جدا، وأشداء جداً. ولن نسمح بحدوث ذلك في لبلادنا. ولو حدث، سنجد الأشخاص المسؤولين، وسيعانون بشدة.“

اتخذ ترامب الهجمات لتدعيم خطابه: سيكون قويا وصعبا إلى أقصى درجة، وخصوصاً فيما يتعلق بالحدود، وسيكون قادراً على جعل أعدائنا يعانون أكثر، على العكس من قادتنا الحاليين، الأغبياء جداً، والمستقيمين جداً سياسياً، وشديدو الضعف في دفاعهم عن بلادنا.

يعتقد بعض الصحفيين أن تلك الطريقة ستؤتي ثمارها. كتب أحد رؤساء التحرير هذا الصباح على حسابه بموقع تويتر: ”ربما تكون أمريكا بعيدة عن هجمات إرهابية كبيرة كلما كان ترامب بعيداً عن منصب رئيس الجمهورية.“ فيما كتب صحفي بارز آخر:” يبقيني مستيقظاً طوال اليل.“

تلك المخاوف مفهومة. لكنهم يعتمدون على افتراض أن الناخبين في الانتخابات العامة سيذعنون لتبسيط وتهييج ترامب فيما يتعلق بالسياسة الخارجية وقضايا الأمن القومي. صحيح أن دعم ترامب يزداد بين المصوتين الجمهوريين في المراحل الأولية للانتخابات بعد الهجمات الإرهابية الأخيرة، لكنني أعتقد أن المصوتين في الانتخابات العامة سيكونون أقل ميلاً لما يقوله ترامب.

لسبب واحد، ربما يكون جمهور الانتخابات العامة أكثر تقبلاً للإشارة إلى أن وعود ترامب الكارتونية الساذجة باستخدام القوة، ستجعله غير ملائم للرئاسة في عالم معقد وخطير، بدلاً من التفكير بالطريقة الأخرى. ووفقاً لاستطلاع حديث وجد أن 30% من الأمريكيين يعتقدون أن ترامب ”جاهز ليكون رئيس الأركان،“ فيما رأى 60% أنه لا يصلح. وكانت تلك النسب 46-45 عندما كان اسم هيلاري كلينتون هو المطروح.

الأكثر من ذلك، في الانتخابات العامة، سيكون الديمقراطيين أكثر حرية في توجيه انتقادات ضد ترامب أشد مما فعل منافسيه الجمهوريين. فضّل المصوتون الجمهوريون في الانتخابات التمهيدية فكرة الترحيل الجماعي ومنع مؤقت للمسلمين من دخول البلاد- حتى أغلبية الأمريكيين عموماً يعارضون تلك الأشياء. ويمكن القول أن المصوتين الجمهوريين يتقبلون الأسباب التي يقولها ترامب عن الضعف الأمريكي وما يجب فعله كي نصبح ”أمة عظيمة مرة أخرى,“ لكن بشكل عام لا يتقبل الأمريكيون ذلك. يجعل ذلك الديمقراطيين مباشرين أكثر، ويركزون في القضية على تلك الأشياء، ترامب ليس لديه أي فكرة عما يتحدث عنه.

إلى الآن يعمل ترامب في بيئة فيها نوع من الحماية، حيث حالت حدود ما يمكن أن يقوله المرشحون الجمهوريون للمصوتين الجمهوريين دون فضح جهل ترامب وغوغائيته. في الانتخابات العامة، لن يجد ترامب أي شكل من أشكال الحماية. في تلك البيئة، ربما لا يشوق الأغلبية فكرة استعراض ”القوة،“ وربما بالفعل ينتبهون إلى السلبيات المتمثلة في انعدام المعرفة والخبرة، وفهمه الضعيف للتعقيدات الموجودة. بجانب عوامل كالشراكات السلبية وتراجع أهمية الناخبين المترددين.

هل الهجمات الإرهابية الأخرى ستخيف الأمريكيين لدرجة تجعل الأحاديث التي يقولها ترامب تلقى قبولاً لديهم؟ كل شئ ممكن، بالطبع، ولا يمكن لأحد أن ينفي احتمالية أن يرى الناخبون الحزب الديمقراطي أضعف من الجمهوري فيما يتعلق بالأمن القومي، وأن ذلك قد يشكل تأثيراً ما. لكن لو صارت هيلاري كلينتون هي المرشحة، ربما ستكون الشخص المناسب للابتعاد عن تلك الديناميكية. ووفقاً لاستطلاع في واشنطن بوست وايه بي سي نيوز، وجد أن الثقة في كلينتون أكثر منها في ترامب فيما يخص التعامل مع الإرهاب، والنسب كانت 50:42.

في الواقع، من الواضح أن كلينتون بالفعل تستعد لتقديم نفسها بشكل أقوى فيما يخص الأمن القومي وربما أقوى من ترامب نفسه (لو كان ذلك ممكناً). ربما يتسبب التهديد الإرهابي في تشجيع كلينتون على الاستمرار في محاولتها الميل في اتجاه ترامب بشأن تلك القضايا (في نفس الوقت ستظهر بلا رحمة انعدام خبرته ومعرفته ليكون قائداً عاماً)، كما فعلت في خطابها الأخير حول إسرائيل. سيكون من البشع جداً متابعة ذلك، وأتمنى حقاً ألا يسمح الديمقراطيون بوجود ذعر سياسي بلا أي أساس من أجل فرض مواقع في السياسة الخارجية. من الجدير بالذكر أن ترامب ربما يكون قادراً على استخدام تصويت كلينتون بالموافقة على الحرب الأمريكية على العراق للهجوم عليها، مع بعض النجاح.

لكن علينا تخيل أن فريق كلينتون يفكر بالفعل في كيفية الخروج من أمر كهذا. وخلاصة القول أن ترامب ربما يثبت أنه الشخص تأثراً بتلك القضايا قبل الانتخابات العامة، على الرغم من كل ما يقوله عن ”القوة“.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى